ذَلِكَ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، بِمَا سَبَقَ الاِسْتِدْلاَل بِهِ لِمَذْهَبِهِمْ فِي " نَذْرِ الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ ".
وَاسْتُدِل لِمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ النَّذْرِ بِالْمَشْيِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوِ الْحَرَمِ بِأَنَّ مُقْتَضَى الْقِيَاسِ أَنْ لاَ يَجِبَ شَيْءٌ بِإِيجَابِ الْمَشْيِ الْمُضَافِ إِلَى مَكَانٍ مَا؛ لأَِنَّ الْمَشْيَ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ مَقْصُودَةٍ؛ إِذْ هُوَ مُجَرَّدُ انْتِقَالٍ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، فَلَيْسَ فِي نَفْسِهِ قُرْبَةً، وَلِهَذَا لاَ يَجِبُ بِسَائِرِ الأَْلْفَاظِ، إِلاَّ أَنَّا أَوْجَبْنَا عَلَى النَّاذِرِ الإِْحْرَامَ فِي لَفْظِ الْمَشْيِ إِلَى بَيْتِ اللَّهِ أَوِ الْكَعْبَةِ أَوْ مَكَّةَ لِلْعُرْفِ؛ إِذْ جَرَى عُرْفُ النَّاسِ عَلَى اسْتِعْمَال هَذِهِ الأَْلْفَاظِ كِنَايَةً عَنِ الْتِزَامِ الإِْحْرَامِ، وَلَمْ يَتَعَارَفُوا عَلَى اسْتِعْمَال غَيْرِهَا مِنَ الأَْلْفَاظِ، فَيُقَال: مَشَى إِلَى مَكَّةَ وَالْكَعْبَةِ وَبَيْتِ اللَّهِ، وَلاَ يُقَال: مَشَى إِلَى الْحَرَمِ أَوِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالْكِنَايَةُ يُتَّبَعُ فِيهَا عَيْنُ اللَّفْظِ لاَ الْمَعْنَى، بِخِلاَفِ الْمَجَازِ فَإِنَّهُ يُرَاعَى فِيهِ الْمَعْنَى اللاَّزِمُ الْمَشْهُورُ فِي مَحَل الْحَقِيقَةِ؛ لأَِنَّ الْكِنَايَةَ ثَابِتَةٌ بِالاِصْطِلاَحِ كَالأَْسْمَاءِ الْمَوْضُوعَةِ، فَيُتَّبَعُ فِيهَا الْعُرْفُ وَاسْتِعْمَال اللَّفْظِ، بِخِلاَفِ الْمَجَازِ (١) وَوَجْهُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الصَّاحِبَانِ مِنْ صِحَّةِ النَّذْرِ بِالْمَشْيِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ إِلَى الْحَرَمِ، وَلُزُومِ
(١) بدائع الصنائع ٦ / ٢٨٦٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute