تَسْلِيمُهُ مِنْ تَرِكَتِهِ حَالًّا إِلَى رَبِّ السَّلَمِ إِذَا كَانَ مَوْجُودًا.
أَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ مُتَوَفِّرًا فِي وَقْتِ الْحُلُول الطَّارِئِ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا: هَل يُفْسَخُ عَقْدُ السَّلَمِ لِذَلِك أَمْ لاَ؟ وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ الْفَسْخِ، هَل تُوقَفُ قِيمَةُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مِنَ التَّرِكَةِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يُوجَدُ فِيهِ عَادَةً أَمْ لاَ؟
فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يُؤْخَذُ مِنَ التَّرِكَةِ حَالًّا لأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ وُجُودُ الْمُسْلَمِ فِيهِ فِي الأَْسْوَاقِ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ إِلَى مَحِل الأَْجَل عِنْدَهُمْ، وَذَلِكَ لِتَدُومَ الْقُدْرَةُ عَلَى تَسْلِيمِهِ، إِذْ لَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ، وَمَاتَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ قَبْل أَنْ يَحِل الأَْجَل، فَرُبَّمَا يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُ الْمُسْلَمِ فِيهِ، فَيَؤُول ذَلِكَ إِلَى الْغَرَرِ (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَحِل بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي حُلُول سَائِرِ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ بِمَوْتِ الْمَدِينِ، وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَإِنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ يَجِبُ تَسْلِيمُهُ مِنَ التَّرِكَةِ، إِلاَّ أَنَّهُ إِذَا كَانَ مَوْتُ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ قَبْل مَحَل أَجَلِهِ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا فِي الأَْسْوَاقِ، فَإِنَّهُ يُوقَفُ تَقْسِيمُ التَّرِكَةِ إِلَى الْوَقْتِ الَّذِي يَغْلِبُ وُجُودُهُ فِيهِ.
(١) رد المحتار ٤ / ٢٠٦، والبحر الرائق ٦ / ١٧٢، وبدائع الصنائع ٥ / ٢١٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute