الأَْغْنِيَاءِ فَالْقَوْل قَوْل الطَّالِبِ، وَإِنْ كَانَ زِيُّهُ زِيَّ الْفُقَرَاءِ فَالْقَوْل قَوْل الْمَطْلُوبِ.
وَعَنْ أَبِي جَعْفَرَ الْهِنْدَوَانِيِّ أَنَّهُ يُحَكَّمُ زِيُّهُ فَيُؤْخَذُ بِحُكْمِهِ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، إِلاَّ إِنْ كَانَ الْمَطْلُوبُ مِنَ الْفُقَهَاءِ أَوِ الْعَلَوِيَّةِ أَوِ الأَْشْرَافِ، لأَِنَّ مِنْ عَادَاتِهِمُ التَّكَلُّفَ فِي اللِّبَاسِ وَالتَّجَمُّل بِدُونِ الْغِنَى، فَيَكُونُ الْقَوْل قَوْل الْمَدْيُونِ أَنَّهُ مُعْسِرٌ (١) .
وَوَجْهُ مَا ذَكَرَ الْخَصَّافُ أَنَّ الْقَوْل فِي الشَّرْعِ قَوْل مَنْ يَشْهَدُ لَهُ الظَّاهِرُ، فَإِذَا وَجَبَ الدَّيْنُ بَدَلاً عَنْ مَالٍ سُلِّمَ لَهُ كَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلطَّالِبِ، لأَِنَّهُ ثَبَتَتْ قُدْرَةُ الْمَطْلُوبِ بِسَلاَمَةِ الْمَال، وَكَذَا فِي الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا لاَ تَجِبُ إِلاَّ عَلَى الْغَنِيِّ فَكَانَ الظَّاهِرُ شَاهِدًا لِلطَّالِبِ.
وَوَجْهُ قَوْل مُحَمَّدٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ: أَنَّ الظَّاهِرَ شَاهِدٌ لِلطَّالِبِ فِيمَا ذَكَرْنَا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الدَّلاَلَةِ، وَهُوَ إِقْدَامُهُ عَلَى الْمُعَاقَدَةِ، فَإِنَّ الإِْقْدَامَ عَلَى التَّزَوُّجِ دَلِيل الْقُدْرَةِ، إِذِ الظَّاهِرُ أَنَّ الإِْنْسَانَ لاَ يَتَزَوَّجُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ شَيْءٌ، وَلاَ يَتَزَوَّجُ أَيْضًا حَتَّى يَكُونَ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَهْرِ، وَكَذَا الإِْقْدَامُ عَلَى الْخُلْعِ لأَِنَّ الْمَرْأَةَ لاَ تُخَالِعُ عَادَةً حَتَّى يَكُونَ عِنْدَهَا شَيْءٌ، وَكَذَا الصُّلْحُ لاَ يُقْدِمُ الإِْنْسَانُ عَلَيْهِ إِلاَّ عِنْدَ الْقُدْرَةِ، فَكَانَ
(١) بدائع الصنائع ٧ / ١٧٣ - ١٧٤.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute