للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا إِِذَا تَلِفَ بَعْضُ مَال الْمُضَارَبَةِ، أَمَّا إِِذَا تَلِفَ كُلُّهُ بِآفَةِ سَمَاوِيَّةٍ قَبْل التَّصَرُّفِ أَوْ بَعْدَهُ فَتَرْتَفِعُ الْمُضَارَبَةُ، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَهُ الْمَالِكُ، لَكِنْ لَوْ أَتْلَفَ أَجْنَبِيٌّ جَمِيعَ مَال الْمُضَارَبَةِ أَوْ بَعْضَهُ أُخِذَ مِنْهُ بَدَلُهُ وَاسْتَمَرَّتْ فِيهِ الْمُضَارَبَةُ (١) .

وَقَال الْبُهُوتِيُّ إِِنْ تَلِفَ رَأْسُ الْمَال أَوْ تَلِفَ بَعْضُهُ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ، أَوْ تَعَيُّبِ رَأْسِ الْمَال، أَوْ خَسِرَ بِسَبَبِ مَرَضٍ، أَوْ تَغَيُّرِ صِفَةٍ، أَوْ نَزَل السِّعْرُ بَعْدَ تَصَرُّفِ الْمُضَارِبِ فِي رَأْسِ الْمَال. جُبِرَتِ الْوَضِيعَةُ مِنْ رِبْحِ بَاقِيهِ قَبْل قِسْمَتِهِ، نَاضًّا أَوْ مَعَ تَنْضِيضِهِ بِالْمُحَاسَبَةِ، لأَِنَّهُ مُضَارَبَةٌ وَاحِدَةٌ فَلاَ شَيْءَ لِلْعَامِل إِِلاَّ بَعْدَ كَمَال رَأْسِ الْمَال.

وَإِِِنْ تَلِفَ بَعْضُ رَأْسِ الْمَال قَبْل تَصَرُّفِ الْعَامِل فِيهِ انْفَسَخَتِ الْمُضَارَبَةُ فِي التَّالِفِ، وَكَانَ رَأْسُ الْمَال هُوَ الْبَاقِيَ خَاصَّةً، لأَِنَّهُ مَالٌ هَلَكَ عَلَى جِهَةٍ قَبْل التَّصَرُّفِ، أَشْبَهَ التَّالِفَ قَبْل الْقَبْضِ، وَفَارَقَ مَا بَعْدَ التَّصَرُّفِ لأَِنَّهُ دَارَ فِي التِّجَارَةِ.

وَقَالُوا: وَمَهْمَا بَقِيَ الْعَقْدُ عَلَى رَأْسِ الْمَال وَجَبَ جَبْرُ خُسْرَانِهِ مِنْ رِبْحِهِ وَإِِِنِ اقْتَسَمَا الرِّبْحَ لأَِنَّهَا مُضَارَبَةٌ وَاحِدَةٌ، وَتَحْرُمُ قِسْمَتُهُ وَالْعَقْدُ بَاقٍ إِِلاَّ بِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى ذَلِكَ، لأَِنَّهُ مَعَ امْتِنَاعِ رَبِّ


(١) روضة الطالبين ٥ / ١٣٨ - ١٣٩، ومغني المحتاج ٢ / ٣١٨ - ٣١٩.