للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَال دَلاَلَةً، وَأَمَّا ثَمَنُ الدَّوَاءِ وَالْحِجَامَةِ وَالْفَصْدِ وَالتَّنَوُّرِ وَالاِدِّهَانِ وَمَا يَرْجِعُ إِِلَى التَّدَاوِي وَصَلاَحِ الْبَدَنِ فَفِي مَالِهِ خَاصَّةً، لاَ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ خِلاَفَ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ عِنْدَهُ، وَذَكَرَ فِي الْحِجَامَةِ وَالاِطِّلاَءِ بِالنُّورَةِ وَالْخِضَابِ قَوْل الْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَال الْمُضَارَبَةِ عَلَى قِيَاسِ قَوْل أَبِي حَنِيفَةَ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَكُونُ فِي مَالِهِ خَاصَّةً، لأَِنَّ وُجُوبَ النَّفَقَةِ لِلْمُضَارِبِ فِي الْمَال لِدَلاَلَةِ الإِِِْذْنِ الثَّابِتِ عَادَةً، وَهَذِهِ الأَْشْيَاءُ غَيْرُ مُعْتَادَةٍ، وَعَلَى هَذَا إِِذَا قَضَى الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ يَقْضِي بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَلاَ يَقْضِي بِهَذِهِ الأَْشْيَاءِ، وَأَمَّا الْفَاكِهَةُ فَالْمُعْتَادُ مِنْهَا يَجْرِي مَجْرَى الطَّعَامِ وَالإِِِْدَامِ، وَقَال بِشْرٌ: سَأَلْتُ أَبَا يُوسُفَ عَنِ اللَّحْمِ فَقَال: يَأْكُل كَمَا كَانَ يَأْكُل لأَِنَّهُ مِنَ الْمَأْكُول الْمُعْتَادِ.

وَإِِِذَا رَجَعَ الْمُضَارِبُ إِِلَى مِصْرِهِ فَمَا فَضَل عِنْدَهُ مِنَ الْكِسْوَةِ وَالطَّعَامِ رَدَّهُ إِِلَى الْمُضَارَبَةِ، لأَِنَّ الإِِِْذْنَ لَهُ بِالنَّفَقَةِ كَانَ لأَِجْل السَّفَرِ، فَإِِِذَا انْقَطَعَ السَّفَرُ لَمْ يَبْقَ الإِِِْذْنُ، فَيَجِبُ رَدُّ مَا بَقِيَ إِِلَى الْمُضَارَبَةِ.

وَقَدْرُ النَّفَقَةِ يَكُونُ بِالْمَعْرُوفِ عِنْدَ التُّجَّارِ مِنْ غَيْرِ إِِسْرَافٍ، فَإِِِنْ جَاوَزَ ذَلِكَ ضَمِنَ الْفَضْل، لأَِنَّ الإِِِْذْنَ ثَابِتٌ بِالْعَادَةِ فَيُعْتَبَرُ الْقَدْرُ الْمُعْتَادُ (١) .


(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٠٦، ١٠٧.