رَبِّ الْمَال بِمِثْلِهِ، فَلَوْ جَوَّزْنَا الاِسْتِدَانَةَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ لأََلْزَمَنَاهُ زِيَادَةَ ضَمَانٍ لَمْ يَرْضَ بِهِ وَهَذَا لاَ يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ الاِسْتِدَانَةُ عَلَى إِِصْلاَحِ مَال الْمُضَارَبَةِ.
وَإِِِذَا أَذِنَ لِلْمُضَارِبِ أَنْ يَسْتَدِينَ عَلَى مَال الْمُضَارَبَةِ جَازَ لَهُ الاِسْتِدَانَةُ، وَمَا يَسْتَدِينُهُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا شَرِكَةَ وُجُوهٍ، وَلاَ يَأْخُذُ الْمُضَارِبُ سَفْتَجَةً لأَِنَّ أَخْذَهَا اسْتِدَانَةٌ وَهُوَ لاَ يَمْلِكُهَا إِِلاَّ بِالنَّصِّ عَلَيْهَا، وَكَذَا لاَ يُعْطَى سَفْتَجَةً لأَِنَّ إِِعْطَاءَهَا إِِقْرَاضٌ وَهُوَ لاَ يَمْلِكُهُ إِِلاَّ بِالنَّصِّ عَلَيْهِ.
وَكَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِمَا لاَ يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ وَإِِِنْ قَال لَهُ: اعْمَل بِرَأْيِكَ، وَلَوِ اشْتَرَى يَصِيرُ مُخَالِفًا لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ تَوْكِيلٌ بِالشِّرَاءِ، وَالتَّوْكِيل بِالشِّرَاءِ مُطْلَقًا يَنْصَرِفُ إِِلَى الْمُتَعَارَفِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ بِمِثْل الْقِيمَةِ أَوْ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِي مِثْلِهِ، وَلأَِنَّ الشِّرَاءَ بِمَا لاَ يَتَغَابَنُ فِي مِثْلِهِ مُحَابَاةٌ، وَالْمُحَابَاةُ تَبَرُّعٌ، وَالتَّبَرُّعُ لاَ يَدْخُل فِي عَقْدِ الْمُضَارَبَةِ، هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ (١) .
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لِلْعَامِل أَنْ يُشَارِكَ بِإِِِذْنِ رَبِّ الْمَال، أَوْ يَخْلِطَ الْمَال بِمَالِهِ أَوْ بِمَال قِرَاضٍ عِنْدَهُ، وَلِلْعَامِل الإِِِْبْضَاعُ بِإِِِذْنِ رَبِّ الْمَال، وَإِِِذَا شَارَكَ الْعَامِل فِي مَال الْمُضَارَبَةِ غَيْرَهُ بِغَيْرِ إِِذْنِ رَبِّ الْمَال فَإِِِنَّهُ يَضْمَنُ، لأَِنَّ رَبَّ الْمَال لَمْ يَسْتَأْمِنْ غَيْرَهُ.
(١) بدائع الصنائع ٦ / ٩٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute