الْمُضَارَبَةِ الذَّهَابَ إِِلَيْهِ لِيَبِيعَ وَيَعْلَمُ الْمَالِكُ بِذَلِكَ، وَإِِِلاَّ جَازَ، لأَِنَّ هَذَا بِحَسَبِ عُرْفِهِمْ يُعَدُّ مِنْ أَسْوَاقِ الْبَلَدِ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَوْ ضَارَبَهُ بِمَحِل لاَ يَصْلُحُ لِلإِِِْقَامَةِ - كَالْمَفَازَةِ - فَالظَّاهِرُ كَمَا قَال الأَْذْرَعِيُّ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ بِالْمَال إِِلَى مَقْصِدِهِ الْمَعْلُومِ لَهُمَا، ثُمَّ لَيْسَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُحْدِثَ سَفَرًا إِِلَى غَيْرِ مَحِل إِِقَامَتِهِ، فَإِِِنْ أَذِنَ لَهُ جَازَ بِحَسَبِ الإِِِْذْنِ، وَإِِِنْ أَطْلَقَ الإِِِْذْنَ سَافَرَ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنَ الْبِلاَدِ الْمَأْمُونَةِ، فَإِِِنْ سَافَرَ بِغَيْرِ إِِذْنٍ أَوْ خَالَفَ فِيمَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ ضَمِنَ وَأَثِمَ، وَلَمْ تَنْفَسِخِ الْمُضَارَبَةُ وَلَوْ عَادَ مِنَ السَّفَرِ، ثُمَّ إِِنْ كَانَ الْمَتَاعُ بِالْبَلَدِ الَّذِي سَافَرَ إِِلَيْهِ أَكْثَرَ قِيمَةً، أَوْ تَسَاوَتِ الْقِيمَتَانِ، صَحَّ الْبَيْعُ وَاسْتَحَقَّ نَصِيبَهُ مِنَ الرِّبْحِ وَإِِِنْ كَانَ مُتَعَدِّيًا بِالسَّفَرِ، وَيَضْمَنُ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ بِهِ مَال الْقِرَاضِ فِي سَفَرِهِ وَإِِِنْ عَادَ الثَّمَنُ مِنَ السَّفَرِ، لأَِنَّ سَبَبَ الضَّمَانِ وَهُوَ السَّفَرُ لاَ يَزُول بِالْعَوْدِ، وَإِِِنْ كَانَ - الْمَتَاعُ هُنَاكَ - أَقَل مِنَ الْقِيمَةِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ إِِلاَّ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ قَدْرًا يَتَغَابَنُ بِهِ.
وَقَالُوا: وَلاَ يُسَافِرُ فِي الْبَحْرِ إِِلاَّ إِِنْ نَصَّ لَهُ عَلَيْهِ لِخَطَرِهِ، فَلاَ يَكْفِي فِيهِ الإِِِْذْنُ فِي السَّفَرِ، نَعَمْ إِِنْ عَيَّنَ لَهُ بَلَدًا وَلاَ طَرِيقَ لَهُ إِِلاَّ الْبَحْرُ - كَسَاكِنِ الْجَزَائِرِ الَّتِي يُحِيطُ بِهَا الْبَحْرُ - كَانَ لَهُ أَنْ يُسَافِرَ فِيهِ وَإِِِنْ لَمْ يَنُصَّ عَلَيْهِ وَالإِِِْذْنُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute