للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قَال الْكَاسَانِيُّ: إِِنْ أَضَافَ الْمُضَارَبَةَ إِِلَى مَضْمُونَةٍ فِي يَدِهِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمَغْصُوبَةِ فَقَال لِلْغَاصِبِ: اعْمَل بِمَا فِي يَدِكَ مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ جَازَ ذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ وَالْحَسَنِ بْنِ زِيَادٍ، لأَِنَّ مَا فِي يَدِهِ مَضْمُونٌ إِِلَى أَنْ يَأْخُذَ فِي الْعَمَل، فَإِِِذَا أَخَذَ فِي الْعَمَل وَهُوَ الشِّرَاءُ تَصِيرُ أَمَانَةً فِي يَدِهِ فَيَتَحَقَّقُ مَعْنَى الْمُضَارَبَةِ فَتَصِحُّ.

وَقَال جُمْهُورُ فُقَهَاءِ الشَّافِعِيَّةِ: تَصِحُّ مُضَارَبَةُ الْغَاصِبِ عَلَى الْمَغْصُوبِ لِتَعَيُّنِ الْمَال الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْعَامِل الْغَاصِبِ، بِخِلاَفِ مَا فِي الذِّمَّةِ فَإِِِنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ، وَتَصِحُّ مُضَارَبَةُ غَيْرِ الْغَاصِبِ عَلَى الْمَال الْمَغْصُوبِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَالِكُ أَوِ الْعَامِل قَادِرًا عَلَى أَخْذِهِ، وَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ بِتَسْلِيمِ الْمَغْصُوبِ لِمَنْ يُعَامِل، لأَِنَّهُ سَلَّمَهُ بِإِِِذْنِ مَالِكِهِ وَزَالَتْ عَنْهُ يَدُهُ، لاَ بِمُجَرَّدِ الْمُضَارَبَةِ (١) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ - فِي وَجْهٍ مُقَابِلٍ لِلأَْصَحِّ - وَزُفَرُ بِعَدِمِ صِحَّةِ الْمُضَارَبَةِ بِالْمَال الْمَغْصُوبِ، لأَِنَّ الْمُضَارَبَةَ تَقْتَضِي كَوْنَ الْمَال أَمَانَةً فِي يَدِ الْمُضَارِبِ، وَالْمَغْصُوبُ مَغْصُوبٌ فِي يَدِهِ


(١)) بدائع الصنائع ٦ / ٨٣، والفتاوى الهندية ٤ / ٢٨٦، وروضة الطالبين ٥ / ١١٨، والمهذب ١ / ٣٨٥، وأسنى المطالب ٢ / ٣٨١، ومغني المحتاج ٢ / ٣١٠، ومطالب أولي النهى ٣ / ٥٢٣.