الْحَرْبِ بِأَمَانٍ فَعَمِل بِالْمَال فَهُوَ جَائِزٌ، لأَِنَّهُ دَخَل دَارَ رَبِّ الْمَال، فَلَمْ يُوجَدْ بَيْنَهُمَا اخْتِلاَفُ الدَّارَيْنِ، فَصَارَ كَأَنَّهُمَا فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ.
وَإِِِنْ كَانَ الْمُضَارِبُ هُوَ الْحَرْبِيُّ فَرَجَعَ إِِلَى دَارِهِ: وَإِِِنْ كَانَ بِغَيْرِ إِِذْنِ رَبِّ الْمَال بَطَلَتِ الْمُضَارَبَةُ، وَإِِِنْ كَانَ بِإِِِذْنِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ وَيَكُونُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ، وَيَكُونُ الرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا شَرَطَا إِِنْ رَجَعَ إِِلَى دَارِ الإِِِْسْلاَمِ مُسْلِمًا أَوْ مُعَاهَدًا أَوْ بِأَمَانٍ اسْتِحْسَانًا، وَالْقِيَاسُ أَنْ تَبْطُل الْمُضَارَبَةُ.
وَجْهُ الاِسْتِحْسَانِ: أَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ بِأَمْرِ رَبِّ الْمَال صَارَ كَأَنَّ رَبَّ الْمَال دَخَل مَعَهُ، وَلَوْ دَخَل رَبُّ الْمَال مَعَهُ إِِلَى دَارِ الْحَرْبِ لَمْ تَبْطُل الْمُضَارَبَةُ، فَكَذَا إِِذَا دَخَل بِأَمْرِهِ، بِخِلاَفِ مَا إِِذَا دَخَل بِغَيْرِ أَمْرِهِ، لأَِنَّهُ لَمَّا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ بِالدُّخُول انْقَطَعَ حُكْمُ رَبِّ الْمَال عَنْهُ، فَصَارَ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ فَمَلَكَ الأَْمْرَ بِهِ.
وَوَجْهُ الْقِيَاسِ: أَنَّهُ لَمَّا عَادَ إِِلَى دَارِ الْحَرْبِ بَطَل أَمَانُهُ وَعَادَ إِِلَى حُكْمِ الْحَرْبِ كَمَا كَانَ، فَبَطَل أَمْرُ رَبِّ الْمَال عِنْدَ اخْتِلاَفِ الدَّارَيْنِ، فَإِِِذَا تَصَرَّفَ فِيهِ فَقَدْ تَعَدَّى بِالتَّصَرُّفِ فَمَلَكَ مَا تَصَرَّفَ فِيهِ (١) .
(١) بدائع الصنائع ٦ / ٨١ - ٨٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute