للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِنْهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ الْعُلْيَا أَوْجَبَ التَّخْفِيفَ، وَمَا دَنَا مِنْهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ الدُّنْيَا لَمْ يُوجِبِ التَّخْفِيفَ.

كَمَرِيضٍ فِي رَمَضَانَ يَخَافُ مِنَ الصَّوْمِ زِيَادَةَ مَرَضٍ أَوْ بُطْءَ الْبُرْءِ، فَيَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ، وَهَكَذَا فِي الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِلتَّيَمُّمِ وَالْحُمَّى الْخَفِيفَةِ وَوَجَعِ الضُّرُوسِ الْيَسِيرِ وَمَا وَقَعَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الرُّتْبَتَيْنِ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، مِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالْعُلْيَا وَمِنْهُمْ مَنْ يُلْحِقُهُ بِالدُّنْيَا، وَتُضْبَطُ مَشَقَّةُ كُل عِبَادَةٍ بِأَدْنَى الْمَشَاقِّ الْمُعْتَبَرَةِ فِي تَخْفِيفِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهَا أَوْ أَزْيَدَ ثَبَتَتِ الرُّخْصَةُ وَلِذَلِكَ اعْتُبِرَ فِي مَشَقَّةِ الْمَرَضِ الْمُبِيحِ لِلْفِطْرِ فِي الصَّوْمِ أَنْ يَكُونَ كَزِيَادَةِ مَشَقَّةِ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ عَلَيْهِ فِي الْحَضَرِ (١) .

وَكَذَلِكَ الْمَشَاقُّ فِي الْحَجِّ وَفِي إِبَاحَةِ مَحْظُورَاتِ الإِْحْرَامِ: أَنْ يَحْصُل بِتَرْكِهَا مِثْل مَشَقَّةِ الْقُمَّل الْوَارِدِ فِيهِ الرُّخْصَةُ، وَأَمَّا أَصْل الْحَجِّ فَلاَ يُكْتَفَى بِتَرْكِهِ بِذَلِكَ، بَل لاَ بُدَّ مِنْ مَشَقَّةٍ لاَ يُحْتَمَل مِثْلُهَا كَالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَال، وَعَدَمِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ، وَفِي إِبَاحَةِ تَرْكِ الْقِيَامِ إِلَى الْقُعُودِ: أَنْ يَحْصُل بِهِ مَا يُشَوِّشُ الْخُشُوعَ وَإِلَى الاِضْطِجَاعِ أَشَقُّ، لأَِنَّهُ مُنَافٍ لِتَعْظِيمِ الْعِبَادَاتِ.

وَالْمَشَاقُّ فِي الْحَجِّ ثَلاَثَةُ أَقْسَامٍ: مِنْهَا


(١) قواعد الأحكام ٢ / ٨، والأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٨٢، والأشباه والنظائر للسيوطي ص٨١.