للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَلِفِ فَانْتَقَل الْحَالِفُ أَوِ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ، أَوِ انْتَقَلاَ مَعًا مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي كَانَا سَاكِنَيْنِ فِيهِ انْتِقَالاً يَزُول مَعَهُ اسْمُ الْمُسَاكَنَةِ عُرْفًا، لَمْ يَحْنَثْ، لاِنْقِطَاعِ الْمُسَاكَنَةِ.

وَإِنْ مَكَثَا فِيهِ بِلاَ عُذْرٍ حَنِثَ.

وَكَذَلِكَ لاَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ إِذَا شَرَعَ هُوَ أَوِ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ إِثْرَ الْيَمِينِ، فِي بِنَاءِ جِدَارٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِحَيْثُ يَكُونُ لِكُل مَحِلٍّ مِرْفَقٌ وَمَدْخَلٌ عَلَى حِدَةٍ عِنْدَ جُمْهُورِ الْمَالِكِيَّةِ، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ رَجَّحَهُ الْبَغَوِيُّ وَهُوَ خِلاَفُ الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ، لاِشْتِغَالِهِ بِرَفْعِ الْمُسَاكَنَةِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَكَرِهَ الْجِدَارَ.

وَزَادَ الْمَالِكِيَّةُ لِكِفَايَةِ الْجِدَارِ فِي عَدَمِ الْحِنْثِ فِيهَا قَيْدًا آخَرَ، وَهُوَ: أَنْ يَكُونَ الْحَلِفُ لأَِجْل مَا يَحْصُل بَيْنَ الْعِيَال، وَأَنَّهُ إِنْ كَانَ لِكَرَاهَةِ جِوَارِهِ فَلاَ بُدَّ مِنَ الاِنْتِقَال.

وَقَال ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لاَ يُعْتَدُّ بِالْجِدَارِ إِذَا كَانَ جَرِيدًا.

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، وَهُوَ الأَْصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى أَنَّهُ يَحْنَثُ، لِحُصُول الْمُسَاكَنَةِ إِلَى تَمَامِ الْبِنَاءِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلأَِنَّهُمَا بِتَشَاغُلِهِمَا بِبِنَاءِ الْجِدَارِ قَدْ تَسَاكَنَا قَبْل انْفِرَادِ إِحْدَى الدَّارَيْنِ عَنِ الأُْخْرَى، بِخِلاَفِ مَا إِذَا خَرَجَ أَحَدُهُمَا فِي الْحَال فَبَنَى الْجِدَارَ ثُمَّ عَادَ، لَمْ يَحْنَثِ الْحَالِفُ (١) .


(١) حاشية ابن عابدين ٣ / ٧٨، ٧٩ ط. بولاق، وتنقيح الفتاوى الحامدية ١ / ٤٢ ط. دار المعرفة، وجواهر الإكليل ١ / ٢٣٧، ٢٣٨، وحاشية الدسوقي ٢ / ١٤٩، وروضة الطالبين ١١ / ٣١، ٣٢، ٣٣، وأسنى المطالب ٤ / ٢٥٣، والمغني ٨ / ٧٦٩، ٧٧٠، وكشاف القناع ٦ / ٢٦٨.