الزَّرْعُ لاَ يَزَال بَقْلاً، فَإِنَّهُ يَكُونُ لِوَرَثَتِهِ الْحَقُّ فِي الْحُلُول مَحَل مُوَرِّثِهِمْ فِي الْعَمَل بِنَفْسِ الشَّرْطِ الَّذِي تَمَّ بَيْنَهُ وَبَيْنَ صَاحِبِ الأَْرْضِ، سَوَاءٌ رَضِيَ ذَلِكَ الأَْخِيرُ أَمْ أَبَى، لأَِنَّ فِي قَلْعِ الزَّرْعِ إِضْرَارًا بِهِمْ وَلاَ ضَرَرَ عَلَى صَاحِبِ الأَْرْضِ مِنْ تَرْكِ الزَّرْعِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ، بَل قَدْ يَكُونُ فِي تَرْكِهِ فَائِدَةٌ لَهُ.
وَإِذَا تُرِكَ الزَّرْعُ تَحْتَ أَيْدِي الْوَرَثَةِ لاَ أَجْرَ لَهُمْ عَلَى عَمَلِهِمْ، لأَِنَّهُمْ يَعْمَلُونَ عَلَى حُكْمِ عَقْدِ مُوَرِّثِهِمْ تَقْدِيرًا، فَكَأَنَّهُ يَعْمَل هُوَ، وَإِذَا عَمِل هُوَ كَانَ عَمَلُهُ بِدُونِ أَجْرٍ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ عَمَلُهُمْ.
وَإِنْ أَرَادَ الْوَرَثَةُ قَلْعَ الزَّرْعِ لَمْ يُجْبَرُوا عَلَى الْعَمَل، لأَِنَّ الْعَقْدَ يَنْفَسِخُ حَقِيقَةً، وَلَكِنَّهُ بَقِيَ تَقْدِيرًا بِاخْتِيَارِهِمْ نَظَرًا لَهُمْ حَتَّى لاَ يُضَارُوا مِنَ الْفَسْخِ.
فَإِنِ امْتَنَعُوا عَنِ الْعَمَل بَقِيَ الزَّرْعُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ صَاحِبِ الأَْرْضِ عَلَى الشَّرْطِ، وَكَانَ لِصَاحِبِ الأَْرْضِ نَفْسُ الْخِيَارَاتِ الثَّلاَثَةِ السَّابِقَةِ. وَهِيَ:
- قِسْمَةُ الزَّرْعِ بَيْنَهُمْ بِالْحِصَصِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا.
- إِعْطَاءُ الْوَرَثَةِ قَدْرَ حِصَّتِهِمْ مِنَ الزَّرْعِ بَقْلاً.
- الإِْنْفَاقُ عَلَى الزَّرْعِ مِنْ مَال نَفْسِهِ إِلَى وَقْتِ الْحَصَادِ، ثُمَّ يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِحِصَّتِهِمْ، لأَِنَّ فِيهِ رِعَايَةً لِلْجَانِبَيْنِ (١) .
(١) بدائع الصنائع ٦ / ١٨٤، والهداية مع تكملة فتح القدير ٩ / ٤٧٧.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute