وَإِنْ تَغَيَّرَ لَوْنُ الْمَاءِ، لأَِنَّ اسْمَ الْمَاءِ بَاقٍ وَازْدَادَ مَعْنَاهُ وَهُوَ التَّطْهِيرُ، وَكَذَلِكَ جَرَتِ السُّنَّةُ فِي غُسْل الْمَيِّتِ بِالْمَاءِ الْمَغْلِيِّ بِالسِّدْرِ وَالْحُرُضُ - الأُْشْنَانُ - فَيَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ إِلاَّ إِذَا صَارَ غَلِيظًا كَالسَّوِيقِ الْمَخْلُوطِ لأَِنَّهُ حِينَئِذٍ يَزُول عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ وَمَعْنَاهُ أَيْضًا (١) .
وَإِنْ كَانَ الطَّاهِرُ الَّذِي اخْتَلَطَ بِالْمَاءِ فَغَيَّرَ لَوْنَهُ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ بِأَنْ كَانَ لاَ يُفَارِقُ الْمَاءَ غَالِبًا، سَوَاءٌ أَكَانَ مُتَوَلِّدًا مِنَ الْمَاءِ كَالطُّحْلُبِ، أَمْ كَانَ فِي الْقَرَارِ وَيَجْرِي عَلَيْهِ الْمَاءُ كَالْمِلْحِ وَالطِّينِ وَالشَّبِّ وَالْكِبْرِيتِ وَالْقَارِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ التَّطَهُّرُ بِهِ مِنْ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ.
وَمِثْل ذَلِكَ مَا إِذَا تَغَيَّرَ لَوْنُ الْمَاءِ بِمَا يَسْقُطُ فِيهِ مِنْ وَرَقِ الشَّجَرِ أَوْ تَحْمِلُهُ الرِّيحُ فَتَلْقِيهِ فِيهِ، فَإِنَّهُ تَجُوزُ الطَّهَارَةُ بِهِ لأَِنَّهُ يَشُقُّ الاِحْتِرَازُ مِنْهُ.
وَهَذَا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ فِي الأَْظْهَرِ وَالْمُعْتَمَدِ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْجُمْلَةِ.
وَالأَْصَحُّ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَقْيِيدُ جِوَازِ التَّطَهُّرِ بِهَذَا الْمَاءِ بِحَالَةِ مَا إِذَا لَمْ تَذْهَبْ رِقَّتُهُ، إِلاَّ أَنَّ أَحْمَدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ الْمَيْدَانِيَّ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ سُئِل عَنِ الْمَاءِ الَّذِي يَتَغَيَّرُ لَوْنُهُ لِكَثْرَةِ الأَْوْرَاقِ الْوَاقِعَةِ مِنَ
(١) بدائع الصنائع ١ / ١٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute