وَمَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى الْقَبُول (وَهُمُ الْمَالِكِيَّةُ فِي الرَّاجِحِ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلِهِمُ الآْخَرِ وَمَعَهُمْ فِي هَذَا الْحَنَفِيَّةُ الَّذِينَ رَاعَوْا مَا فِيهِ مِنْ مَعْنَى التَّمْلِيكِ بِالرَّغْمِ مِنْ عَدَمِ تَوَقُّفِهِ عَلَى الْقَبُول عِنْدَهُمْ لأَِنَّهُ إِسْقَاطٌ) يَرَوْنَ أَنَّهُ يَرْتَدُّ بِالرَّدِّ. وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْحَنَفِيَّةِ هَل يَتَقَيَّدُ الرَّدُّ بِمَجْلِسِ الإِْبْرَاءِ، أَوْ هُوَ عَلَى إِطْلاَقِهِ. وَالَّذِي فِي الْبَحْرِ وَالْحَمَوِيِّ عَلَى الأَْشْبَاهِ إِطْلاَقُ صِحَّةِ الرَّدِّ فِي مَجْلِسِ الإِْبْرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ.
وَالرَّدُّ الْمُعْتَبَرُ هُوَ مَا يَصْدُرُ مِنَ الْمُبْرِئِ، أَوْ مِنْ وَارِثِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَخَالَفَ فِي الثَّانِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ (١) .
وَقَدِ اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ مَسَائِل لاَ يَرْتَدُّ فِيهَا الإِْبْرَاءُ بِالرَّدِّ وَهِيَ:
١، ٢ - الإِْبْرَاءُ فِي الْحَوَالَةِ (وَالْكَفَالَةِ عَلَى الأَْرْجَحِ) لأَِنَّهُمَا مُتَمَحِّضَانِ لِلإِْسْقَاطِ، لأَِنَّ الإِْبْرَاءَ إِسْقَاطٌ مَحْضٌ فِي حَقِّ الْكَفِيل، لَيْسَ فِيهِ تَمْلِيكُ مَالٍ؛ لأَِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ الْمُطَالَبَةُ، وَالإِْسْقَاطُ الْمَحْضُ لاَ يَحْتَمِل الرَّدَّ لِتَلاَشِي السَّاقِطِ، بِخِلاَفِ التَّأْخِيرِ، لِعَوْدِهِ بَعْدَ الأَْجَل.
٣ - إِذَا تَقَدَّمَ عَلَى الإِْبْرَاءِ طَلَبٌ مِنَ الْمُبْرَأِ بِأَنْ قَال: أَبْرِئْنِي، فَأَبْرَأَهُ فَرَدَّ، لاَ يَرْتَدُّ.
(١) العناية شرح الهداية وتكملة فتح القدير ٧ / ٤٤، وحاشية ابن عابدين ٤ / ٤٦٩، والفتاوى الهندية ٤ / ٣٨٤، وتكملة ابن عابدين ٢ / ٣٤٧، وكشاف القناع ٢ / ٤٧٨ ط الشرفية، والفروع ٤ / ١٩٢، والمهذب ٢ / ٤٥٤، وشرح الروض ٢ / ٢٤٠، ومطالب أولي النهى ٤ / ٣٩٢، والأشباه للسيوطي ١٨٩ ط عيسى الحلبي، والمجلة العدلية المادة ١٥٨٦ وفيها تقييد اعتبار الرد بكونه في المجلس وناقش ذلك بعض الشراح ما بين جعله قيدا احترازيا أو اتفاقيا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute