أَمَّا فِي حَقِّ الأَْدَاءِ فِي الدُّنْيَا فَهُوَ مَوْضِعُ الْخِلاَفِ.
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِمْ بِالْفُرُوعِ بِأَنَّ الْعِبَادَةَ لاَ تُتَصَوَّرُ مَعَ الْكُفْرِ، فَكَيْفَ يُؤْمَرُ بِهَا فَلاَ مَعْنًى لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ وَقَضَاءِ الصَّلاَةِ عَلَيْهِ مَعَ اسْتِحَالَةِ فِعْلِهِ فِي الْكُفْرِ وَمَعَ انْتِفَاءِ وُجُوبِهِ لَوْ أَسْلَمَ، فَكَيْفَ يَجِبُ مَا لاَ يُمْكِنُ امْتِثَالُهُ (١) ؟ .
الْقَوْل الثَّالِثُ: إِنَّ الْكُفَّارَ مُخَاطَبُونَ بِالنَّوَاهِي دُونَ الأَْوَامِرِ، لأَِنَّ الاِنْتِهَاءَ مُمْكِنٌ فِي حَالَةِ الْكُفْرِ، وَلاَ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّقَرُّبُ فَجَازَ التَّكْلِيفُ بِهَا دُونَ الأَْوَامِرِ، فَإِنَّ شَرْطَ الأَْوَامِرِ الْعَزِيمَةُ، وَفِعْل التَّقْرِيبِ مَعَ الْجَهْل بِالْمُقَرَّبِ إِلَيْهِ مُحَالٌ فَامْتَنَعَ التَّكْلِيفُ بِهَا.
وَقَدْ حَكَى النَّوَوِيُّ فِي التَّحْقِيقِ أَوْجُهًا، وَقَال الزَّرْكَشِيُّ: ذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا إِلَى أَنَّهُ لاَ خِلاَفَ فِي تَكْلِيفِ الْكُفَّارِ بِالنَّوَاهِي وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ فِي تَكْلِيفِهِمْ بِالأَْوَامِرِ.
وَنَقَل ذَلِكَ الْقَوْل صَاحِبُ اللُّبَابِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَعَامَّةِ أَصْحَابِهِ.
وَقِيل: إِنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالأَْوَامِرِ فَقَطْ.
وَقِيل: إِنَّ الْمُرْتَدَّ مُكَلَّفٌ دُونَ الْكَافِرِ الأَْصْلِيِّ.
(١) المستصفى للغزالي ١ / ٩١، ٩٢، وفواتح الرحموت ١ / ١٢٨، والبحر المحيط ١ / ٣٩٩، ٤٠٠، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٤، والحطاب ٢ / ٤١٣، والفواكه الدواني ١ / ٤٠٧، والفروق للقرافي ٣ / ٢٠٧، وتهذيب الفروق ٣ / ٢٣١ - ٢٣٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute