فَإِنَّ مُطَالَبَةَ الْكَفِيل تُرْجَأُ إِلَى وَقْتِ حُلُول الدَّيْنِ عَلَى الأَْصِيل؛ لأَِنَّ الْكَفَالَةَ الْمُطْلَقَةَ بِدَيْنٍ تَلْزَمُ بِمَا يَتَّصِفُ بِهِ مِنَ الْحُلُول أَوِ التَّأْجِيل، وَفِي هَذِهِ الصُّورَةِ أَيْضًا تَكُونُ الْكَفَالَةُ مُنْعَقِدَةً فِي الْحَال، وَلَكِنَّ آثَارَهَا لاَ تَظْهَرُ إِلاَّ عِنْدَ حُلُول الأَْجَل.
وَمِنْ هَذَا يَتَّضِحُ أَنَّ جُمْهُورَ الْحَنَفِيَّةِ يُجِيزُ إِضَافَةَ الْكَفَالَةِ بِالْمَال إِلَى الزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَل، وَيُرَتِّبُ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ إِضَافَتَهَا إِلَى وَقْتٍ مَعْلُومٍ. أَوْ مَجْهُولٍ جَهَالَةً غَيْرَ فَاحِشَةٍ لاَ يَمْنَعُ مِنْ جَوَازِهَا إِلَى الأَْجَل الَّذِي ذُكِرَ، وَذَلِكَ كَإِضَافَتِهَا إِلَى الْحَصَادِ أَوْ إِلَى الْمِهْرَجَانِ أَوْ إِلَى النَّيْرُوزِ، أَمَّا إِضَافَةُ الْكَفَالَةِ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً فَاحِشَةً - كَنُزُول الْمَطَرِ - فَلاَ تَصِحُّ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الآْجَال الْمُتَعَارَفَةِ أَوِ الْمُنْضَبِطَةِ، وَإِذَا بَطَل الأَْجَل لِتَفَاحُشِ الْجَهَالَةِ فِيهِ وَعَدَمِ تَعَارُفِهِ، صَحَّتِ الْكَفَالَةُ، وَكَانَتْ مُنَجَّزَةً (١) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى صِحَّةِ إِضَافَةِ الْكَفَالَةِ إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ مَعْلُومٍ، وَحِينَئِذٍ لاَ يُطَالَبُ الْكَفِيل إِلاَّ إِذَا حَل الأَْجَل، وَكَذَلِكَ تَصِحُّ الْكَفَالَةُ إِذَا أُضِيفَتْ إِلَى أَجَلٍ مَجْهُولٍ جَهَالَةً غَيْرَ فَاحِشَةٍ، كَخُرُوجِ الْعَطَاءِ، وَلَكِنَّ الْقَاضِيَ يَضْرِبُ لَهُ أَجَلاً بِقَدْرِ مَا يَرَى، وَعِنْدَئِذٍ لاَ
(١) نفس المراجع السابقة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute