وَبِأَنَّ أَبَا حُذَيْفَةَ بْنَ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ تَبَنَّى سَالِمًا وَأَنْكَحَهُ ابْنَةَ أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ، وَهُوَ مَوْلَى لاِمْرَأَةٍ مِنَ الأَْنْصَارِ، وَبِأَنَّ الْكَفَاءَةَ لاَ تَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهَا حَقًّا لِلْمَرْأَةِ وَالأَْوْلِيَاءِ، فَلَمْ يُشْتَرَطْ وُجُودُهَا.
وَوَجْهُ اعْتِبَارِهَا عِنْدَهُمْ، أَنَّ انْتِظَامَ الْمَصَالِحِ يَكُونُ عَادَةً بَيْنَ الْمُتَكَافِئَيْنِ، وَالنِّكَاحُ شُرِعَ لاِنْتِظَامِهَا، وَلاَ تَنْتَظِمُ الْمَصَالِحُ بَيْنَ غَيْرِ الْمُتَكَافِئَيْنِ، فَالشَّرِيفَةُ تَأْبَى أَنْ تَكُونَ مُسْتَفْرَشَةً لِلْخَسِيسِ، وَتُعَيَّرُ بِذَلِكَ؛ وَلأَِنَّ النِّكَاحَ وُضِعَ لِتَأْسِيسِ الْقَرَابَاتِ الصِّهْرِيَّةِ، لِيَصِيرَ الْبَعِيدُ قَرِيبًا عَضُدًا وَسَاعِدًا، يَسُرُّهُ مَا يَسُرُّكَ، وَذَلِكَ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالْمُوَافَقَةِ وَالتَّقَارُبِ، وَلاَ مُقَارِبَةَ لِلنُّفُوسِ عِنْدَ مُبَاعَدَةِ الأَْنْسَابِ، وَالاِتِّصَافِ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَعَقْدُهُ مَعَ غَيْرِ الْمُكَافِئِ قَرِيبُ الشَّبَهِ مِنْ عَقْدٍ لاَ تَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مَقَاصِدُهُ (١) .
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ - فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ الْمُخْتَارَةِ لِلْفَتْوَى عِنْدَهُمْ - وَاللَّخْمِيُّ وَابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ فَرْحُونَ وَابْنُ سَلْمُونٍ - مِنَ الْمَالِكِيَّةِ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. . إِلَى أَنَّ الْكَفَاءَةَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ النِّكَاحِ، قَال أَحْمَدُ: إِذَا تَزَوَّجَ الْمَوْلَى الْعَرَبِيَّةَ
(١) رد المحتار ٢ / ٣١٨، وبدائع الصنائع ٢ / ٣١٧، وفتح القدير ٢ / ٤١٨، وحاشية الدسوقي ٢ / ٢٤٩، ومغني المحتاج ٣ / ١٦٤، وروضة الطالبين ٧ / ٨٤، وكشاف القناع ٥ / ٦٧، والمغني ٦ / ٤٨٠ - ٤٨١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute