فَمَنْ أَلَمَّ فَلْيَسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ وَلْيَتُبْ إِلَى اللَّهِ فَإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لَنَا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ اللَّهِ عَزَّ وَجَل (١) ، وَذَلِكَ أَنَّ إِظْهَارَ الْفَاحِشَةِ فَاحِشَةٌ أُخْرَى، فَلِلرَّجُل أَنْ يَحْفَظَ دَمَهُ وَمَالَهُ الَّذِي يُؤْخَذُ ظُلْمًا وَعِرْضَهُ بِلِسَانِهِ وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا.
وَأَمَّا عِرْضُ غَيْرِهِ فَبِأَنْ يُسْأَل عَنْ سِرِّ أَخِيهِ فَلَهُ أَنْ يُنْكِرَهُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْحَدَّ فِيهِ أَنَّ الْكَذِبَ مَحْذُورٌ، وَلَوْ صَدَقَ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ تَوَلَّدَ مِنْهُ مَحْذُورٌ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَابَل أَحَدُهُمَا بِالآْخَرِ، وَيَزِنَ بِالْمِيزَانِ الْقِسْطِ، فَإِذَا عَلِمَ أَنَّ الْمَحْذُورَ الَّذِي يَحْصُل بِالصِّدْقِ أَشَدُّ وَقْعًا فِي الشَّرْعِ مِنَ الْكَذِبِ فَلَهُ أَنْ يَكْذِبَ، وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ أَهْوَنَ مِنْ مَقْصُودِ الصِّدْقِ فَيَجِبُ الصِّدْقُ، وَقَدْ يَتَقَابَل الأَْمْرَانِ بِحَيْثُ يَتَرَدَّدُ فِيهِمَا، وَعِنْدَ ذَلِكَ الْمَيْل إِلَى الصِّدْقِ أَوْلَى؛ لأَِنَّ الْكَذِبَ يُبَاحُ لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مُهِمَّةٍ، فَإِنْ شَكَّ فِي كَوْنِ الْحَاجَةِ مُهِمَّةً، فَالأَْصْل التَّحْرِيمُ، فَيُرْجَعُ إِلَيْهِ.
وَلأَِجْل غُمُوضِ إِدْرَاكِ مَرَاتِبِ الْمَقَاصِدِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَحْتَرِزَ الإِْنْسَانُ مِنَ الْكَذِبِ مَا أَمْكَنَهُ، وَكَذَلِكَ مَهْمَا كَانَتِ الْحَاجَةُ لَهُ فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ أَغْرَاضَهُ وَيَهْجُرَ
(١) حديث: " اجتنبوا هذه القاذورة. . . ". أخرجه الحاكم وصححه (٤ / ٢٤٤) من حديث ابن عمر، ووافقه الذهبي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute