أَعْلَى مِنَ الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ. وَفِي شَيْءٍ يَكُونُ الأَْمْرُ بِالْعَكْسِ، وَفِي الْغَالِبِ أَنَّ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِالْمُوجِبِ وَعَكْسِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ دَائِمًا فَقَدْ يَتَجَرَّدُ كُلٌّ مِنْهُمَا عَنِ الآْخَرِ، مِثَال تَجَرُّدِ الصِّحَّةِ: الْبَيْعُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ، فَإِنَّهُ صَحِيحٌ وَلَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ أَثَرُهُ، فَيُحْكَمُ فِيهِ بِالصِّحَّةِ وَلاَ يُحْكَمُ فِيهِ بِالْمُوجِبِ.
وَمِثَال تَجَرُّدِ الْمُوجِبِ: الْخُلْعُ عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ فَإِنَّهُ فَاسِدٌ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ مِنَ الْبَيْنُونَةِ وَلُزُومِ مَهْرِ الْمِثْل فَيُحْكَمُ فِيهِ بِالْمُوجِبِ دُونَ الصِّحَّةِ، وَكَذَا الرِّبَا وَالسَّرِقَةُ وَنَحْوُهُمَا يُحْكَمُ فِيهِ بِالْمُوجِبِ دُونَ الصِّحَّةِ (١) .
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الْحُكْمُ بِالصِّحَّةِ يَسْتَلْزِمُ ثُبُوتَ الْمِلْكِ وَالْحِيَازَةِ قَطْعًا، وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ - بِفَتْحِ الْجِيمِ - حُكْمٌ بِمُوجَبِ الدَّعْوَى الثَّابِتَةِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا كَالإِْقْرَارِ، فَالدَّعْوَى الْمُشْتَمِلَةُ عَلَى مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ الْمُدَّعَى بِهِ مِنْ نَحْوِ بَيْعٍ أَوْ إِجَارَةٍ يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهَا بِالْمُوجَبِ حُكْمٌ بِالصِّحَّةِ لأَِنَّهَا مِنْ مُوجِبِهِ كَسَائِرِ آثَارِهِ فَيَكُونُ الْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ حِينَئِذٍ أَقْوَى مُطْلَقًا لِسَعَتِهِ وَتَنَاوُلِهِ الصِّحَّةَ وَآثَارَهَا، وَالدَّعْوَى غَيْرُ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى ذَلِكَ - أَيْ مَا يَقْتَضِي صِحَّةَ الْعَقْدِ الْمُدَّعَى بِهِ كَأَنِ ادَّعَى أَنَّهُ بَاعَهُ الْعَيْنَ فَقَطْ - يَكُونُ الْحُكْمُ فِيهَا
(١) مغني المحتاج ٤ / ٣٩٤، ٣٩٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute