النَّظَرَ فِي الْعَقَارِ، وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ. وَإِنَّمَا الْخِلاَفُ فِيمَا إِذَا وَلَّى قَاضِيَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ عَمَلاً وَاحِدًا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي رَأْيٍ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِكَ الْقَاضِيَانِ فِي قَضِيَّةٍ، وَفِي رَأْيٍ آخَرَ قَالُوا: لاَ يَجُوزُ، لأَِنَّهُمَا قَدْ يَخْتَلِفَانِ فَلاَ تَنْفَصِل الْحُكُومَةُ، وَقَدْ نَصَّتْ مَجَلَّةُ الأَْحْكَامِ الْعَدْلِيَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ لأَِحَدِ الْقَاضِيَيْنِ الْمَنْصُوبَيْنِ لاِسْتِمَاعِ الدَّعْوَى أَنْ يَسْتَمِعَ تِلْكَ الدَّعْوَى وَحْدَهُ وَيَحْكُمَ بِهَا، وَإِذَا فَعَل لاَ يَنْفُذُ حُكْمُهُ. (١)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: يَجُوزُ لِلإِْمَامِ نَصْبُ قُضَاةٍ مُتَعَدِّدِينَ يَسْتَقِل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِنَاحِيَةٍ يَحْكُمُ فِيهَا بِجَمِيعِ أَحْكَامِ الْفِقْهِ، بِحَيْثُ لاَ يَتَوَقَّفُ حُكْمُ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى حُكْمِ الآْخَرِ، أَوْ قُضَاةٍ مُتَعَدِّدِينَ يَسْتَقِل كُل وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِبَلَدٍ أَوْ خَاصٍّ بِنَاحِيَةٍ أَوْ نَوْعٍ، فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنَ الاِسْتِقْلاَل فِي الْعَامِّ وَالْخَاصِّ، فَلاَ يَجُوزُ لِلْخَلِيفَةِ أَنْ يُشْرِكَ بَيْنَ قَاضِيَيْنِ، هَذَا إِذَا كَانَ التَّشْرِيكُ فِي كُل قَضِيَّةٍ، بَل وَلَوْ كَانَ فِي قَضِيَّةٍ وَاحِدَةٍ بِحَيْثُ يَتَوَقَّفُ حُكْمُ كُل وَاحِدٍ عَلَى حُكْمِ صَاحِبِهِ؛ لأَِنَّ الْحَاكِمَ لاَ يَكُونُ نِصْفَ حَاكِمٍ، وَصَرَّحَ ابْنُ فَرْحُونَ بِعَدَمِ صِحَّةِ عَقْدِ الْوِلاَيَةِ لِحَاكِمَيْنِ مَعًا عَلَى أَنْ يَجْتَمِعَا وَيَتَّفِقَا
(١) روضة القضاة ١ / ٧٥، ٨١، المادة (١٨٠٢) من المجلة، الفتاوى الهندية ٣ / ٢١٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute