وَحَدِيثُ: الْقُضَاةُ ثَلاَثَةٌ: قَاضِيَانِ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ، رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ الْحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ فَذَاكَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ لاَ يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ فَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ. (١)
وَيَرَى بَعْضُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ كُل مَا جَاءَ مِنَ الأَْحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا تَخْوِيفٌ وَوَعِيدٌ إِنَّمَا هِيَ فِي حَقِّ قُضَاةِ الْجَوْرِ وَالْجُهَّال الَّذِينَ يُدْخِلُونَ أَنْفُسَهُمْ فِي هَذَا الْمَنْصِبِ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ وَلِيَ الْقَضَاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ فَقَدْ قَال بَعْضُ أَهْل الْعِلْمِ: هَذَا الْحَدِيثُ دَلِيلٌ عَلَى شَرَفِ الْقَضَاءِ وَعَظِيمِ مَنْزِلَتِهِ وَأَنَّ الْمُتَوَلِّيَ لَهُ مُجَاهِدٌ لِنَفْسِهِ وَهَوَاهُ، وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى فَضِيلَةِ مَنْ قَضَى بِالْحَقِّ إِذْ جَعَلَهُ ذَبِيحَ الْحَقِّ امْتِحَانًا، لِتَعْظُمَ لَهُ الْمَثُوبَةُ امْتِنَانًا، فَالْقَاضِي لَمَّا اسْتَسْلَمَ لِحُكْمِ اللَّهِ وَصَبَرَ عَلَى مُخَالَفَةِ الأَْقَارِبِ وَالأَْبَاعِدِ فِي خُصُومَاتِهِمْ، فَلَمْ تَأْخُذْهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لاَئِمٍ حَتَّى قَادَهُمْ إِلَى أَمْرِ الْحَقِّ وَكَلِمَةِ الْعَدْل، وَكَفَّهُمْ عَنْ دَوَاعِي الْهَوَى وَالْعِنَادِ، جُعِل ذَبِيحَ الْحَقِّ لِلَّهِ وَبَلَغَ بِهِ حَال الشُّهَدَاءِ الَّذِينَ لَهُمُ الْجَنَّةُ، فَالتَّحْذِيرُ الْوَارِدُ مِنَ الشَّرْعِ إِنَّمَا هُوَ عَنِ الظُّلْمِ لاَ عَنِ الْقَضَاءِ،
(١) حديث: " القضاة ثلاثة. . " أخرجه الترمذي (٣ / ٦٠٤) والحاكم (٩٠٤) من حديث بريدة، واللفظ للترمذي وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute