للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْقِسْمَةُ، وَوَظِيفَةُ الْقَاضِي الْقِيَامُ بِوَاجِبِ الإِْنْصَافِ، وَإِعْطَاءُ كُل ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَيَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ هُنَا، وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ الْحَاكِمُ الشَّهِيدُ.

الرَّأْيُ الثَّانِي: أَنَّهُ الضَّرَرُ الَّذِي لاَ يَخُصُّ الطَّالِبَ، فَيَشْمَل الضَّرَرَ الْخَاصَّ بِالْمُمْتَنِعِ وَالضَّرَرَ الْعَامَّ؛ لأَِنَّ ضَرَرَ طَالِبِ الْقِسْمَةِ يَسْقُطُ اعْتِبَارُهُ بِطَلَبِهِ، إِذْ مَعْنَاهُ رِضَاهُ بِضَرَرِ نَفْسِهِ، أَمَّا ضَرَرُ الآْخَرِ (وَهُوَ الْمُمْتَنِعُ) فَلَيْسَ ثَمَّ مَا يُسْقِطُ اعْتِبَارَهُ، وَالطَّالِبُ لاَ يُسَلَّطُ عَلَى الإِْضْرَارِ بِغَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الْجَصَّاصُ.

الرَّأْيُ الثَّالِثُ: أَنَّهُ الضَّرَرُ الَّذِي لاَ يَخُصُّ الْمُمْتَنِعَ فَيَشْمَل الضَّرَرَ الْخَاصَّ بِطَالِبِ الْقِسْمَةِ، وَالضَّرَرَ الْعَامَّ أَيْ عَكْسَ الثَّانِي؛ لأَِنَّ ضَرَرَ الْمُمْتَنِعِ لَيْسَ ضَرَرًا حَقِيقِيًّا - كَمَا أَوْضَحْنَاهُ - فَلاَ يُعْتَدُّ بِهِ، وَإِنَّمَا يُنْظَرُ فِي ضَرَرِ الطَّالِبِ: فَإِذَا انْتَفَى فَلَيْسَ ثَمَّ مَانِعٌ مَا مِنَ الإِْجْبَارِ عَلَى الْقِسْمَةِ، وَإِذَا لَمْ يَنْتَفِ، كَانَ مُتَعَنِّتًا بِطَلَبِ الْقِسْمَةِ، وَالْمُتَعَنِّتُ لاَ يُلْتَفَتُ إِلَيْهِ، وَقِسْمَةُ الإِْجْبَارِ لاَ تَكُونُ بِدُونِ طَلَبٍ مُعْتَدٍّ بِهِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي قَرَّرَهُ الْخَصَّافُ، وَجَرَى عَلَيْهِ الْقُدُورِيُّ، وَقَال فِي الْهِدَايَةِ: إِنَّهُ الأَْصَحُّ (١) .


(١) تكملة فتح القدير ٨ / ٣٥٧، والبحر الرائق ٨ / ١٧٢، وبدائع الصنائع ٧ / ٢١.