وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلاَفِ بَيْنَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمَالِكِيَّةُ، وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ فِيمَا إذَا هَلَكَتِ الْعَيْنُ الْمُقْرَضَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَقَبْل الْقَبْضِ، فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ ضَمَانُهَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ عَلَى الْمُقْرِضِ، وَيَكُونُ هَلاَكُهَا فِي عُهْدَتِهِ، لأَِنَّهَا لَمْ تَزَل فِي مِلْكِهِ، وَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُقْتَرِضُ بَعْدُ، فَلاَ تَنْشَغِل ذِمَّتُهُ بِعِوَضِهَا أَصْلاً، بَيْنَمَا يَكُونُ ضَمَانُهَا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عَلَى الْمُقْتَرِضِ، وَهُوَ الَّذِي يَتَحَمَّل تَبِعَةَ هَلاَكِهَا، وَعَلَيْهِ رَدُّ بَدَلِهَا لأَِنَّهَا هَلَكَتْ فِي مِلْكِهِ.
كَمَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلاَفِ بَيْنَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ وَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو يُوسُفَ وَالشَّافِعِيَّةُ فِي قَوْلٍ، فِيمَا إذَا اسْتَقْرَضَ شَخْصٌ مِنْ رَجُلٍ كُرًّا مِنْ حِنْطَةٍ وَقَبَضَهُ، ثُمَّ اشْتَرَى ذَلِكَ الْكُرَّ بِعَيْنِهِ مِنَ الْمُقْرِضِ، فَإِنَّهُ لاَ يَجُوزُ ذَلِكَ عَلَى قَوْل الْجُمْهُورِ، لأَِنَّ الْمُقْتَرِضَ مَلَكَهُ بِنَفْسِ الْقَبْضِ، فَيَصِيرُ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ التَّالِي مُشْتَرِيًا مِلْكَ نَفْسِهِ، أَمَّا عَلَى الْقَوْل الآْخَرِ فَالْكُرُّ بَاقٍ عَلَى مِلْكِ الْمُقْرِضِ، وَيَصِيرُ الْمُسْتَقْرِضُ مُشْتَرِيًا مِلْكَ غَيْرِهِ، فَيَصِحُّ (١) .
(١) رد المحتار ٥ / ١٦٤ ط. الحلبي، وشرح المجلة للأتاسي ٢ / ٤٤٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute