كَانَتْ مُلْحَقَةً بِالدَّرَاهِمِ الزُّيُوفِ، وَلاَ تَجُوزُ عَدَدًا، وَإِنَّمَا تَجُوزُ وَزْنًا لإِِبْعَادِهَا عَنْ شُبْهَةِ الرِّبَا، وَإِنْ بَقِيَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى حَالِهِ بَعْدَ السَّبْكِ فَكُلٌّ مِنْهُمَا جِنْسٌ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ، وَالْفِضَّةُ لاَ تَجُوزُ عَدَدًا لأَِنَّهَا وَزْنِيَّةٌ، وَالصُّفْرُ يُجَوِّزُهُ، وَإِذَا اجْتَمَعَ الْمَانِعُ وَالْمُجِيزُ فَالْحُكْمُ بِالْفَسَادِ عِنْدَ تَعَارُضِ جِهَتَيِ الْجَوَازِ وَالْفَسَادِ أَحْوَطُ.
أَمَّا النَّوْعُ الثَّالِثُ - وَهُوَ مَا كَانَ الْغِشُّ فِيهِ غَالِبًا، فَيُنْظَرُ فِيهِ إِلَى عَادَةِ النَّاسِ، فَإِنْ تَعَامَلُوا بِهِ وَزْنًا وَجَبَ التَّعَامُل فِيهِ وَزْنًا، لأَِنَّ الْوَزْنَ صِفَةٌ أَصْلِيَّةٌ، وَإِنْ تَعَامَلُوا فِيهِ عَدَدًا جَازَ التَّعَامُل بِهِ عَدَدًا، وَمِثْل الاِسْتِقْرَاضِ الشِّرَاءُ بِهَا كَمَا سَلَفَ.
هَذَا إِذَا اشْتَرَى بِالأَْنْوَاعِ الثَّلاَثَةِ وَلَمْ يُعَيِّنْهَا، فَأَمَّا إِذَا عَيَّنَهَا وَاشْتَرَى بِهَا عَرَضًا، بِأَنْ قَال: اشْتَرَيْتُ هَذَا الْعَرَضَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَأَشَارَ إِلَيْهَا، فَلاَ شَكَّ فِي جَوَازِ الشِّرَاءِ بِهَا، وَلاَ تَتَعَيَّنُ بِالإِْشَارَةِ إِلَيْهَا، وَلاَ يَتَعَلَّقُ الْعَقْدُ بِعَيْنِهَا، حَتَّى لَوْ هَلَكَتْ قَبْل أَنْ يَنْقُدَهَا الْمُشْتَرِي لاَ يَبْطُل الْبَيْعُ، وَيُعْطَى مَكَانَهَا مِثْلَهَا مِنْ جِنْسِهَا وَنَوْعِهَا وَقَدْرِهَا وَصِفَتِهَا (١) .
وَالْمَالِكِيَّةُ نَظَرُوا فِي التَّعَامُل بِهَا إِلَى مَنْعِ الْغِشِّ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالُوا بِجَوَازِ التَّعَامُل
(١) بدائع الصنائع ٥ / ١٩٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute