للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَرْحِهِ عَلَى جَمْعِ الْجَوَامِعِ إِلَى أَنَّ الْقِيَامَ بِفَرْضِ الْعَيْنِ أَفْضَل، لِشِدَّةِ اعْتِنَاءِ الشَّارِعِ بِهِ بِقَصْدِ حُصُولِهِ مِنْ كُل مُكَلَّفٍ، وَلأَِنَّهُ مَفْرُوضٌ حَقًّا لِلنَّفْسِ فَهُوَ أَهَمُّ عِنْدَهَا وَأَكْثَرُ مَشَقَّةً، وَنَقَل الْعَطَّارُ فِي حَاشِيَتِهِ مِنْ كَلاَمِ الإِْمَامِ الشَّافِعِيِّ وَالأَْصْحَابِ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ، فَقَدْ قَالُوا: إِنَّ قَطْعَ الطَّوَافِ الْمَفْرُوضِ لِصَلاَةِ الْجِنَازَةِ مَكْرُوهٌ، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ لاَ يَحْسُنُ تَرْكُ فَرْضِ الْعَيْنِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ، فَإِذَا ازْدَحَمَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ وَفَرْضُ الْعَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ لاَ يَسَعُ إِلاَّ أَحَدَهُمَا وَجَبَ تَقْدِيمُ فَرْضِ الْعَيْنِ إِلاَّ إِذَا كَانَ لَهُ بَدَلٌ، كَمَا فِي سُقُوطِ الْجُمُعَةِ مِمَّنْ لَهُ قَرِيبٌ يُمَرِّضُهُ، بَل قَالُوا: لَوِ اجْتَمَعَ جِنَازَةٌ وَجُمُعَةٌ وَضَاقَ الْوَقْتُ قُدِّمَتِ الْجُمُعَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقَدَّمَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْجِنَازَةَ لأَِنَّ لِلْجُمُعَةِ بَدَلاً.

وَإِنْ كَانَ فِي الْوَقْتِ مُتَّسَعٌ فَيُقَدَّمُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ، كَمَا لَوِ اجْتَمَعَ كُسُوفٌ وَفَرْضٌ، وَلَمْ يُخَفْ فَوْتُ الْفَرْضِ، قُدِّمَ الْكُسُوفُ كَيْ لاَ يَفُوتَ، وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ إِنْقَاذُ الْغَرِيقِ عَلَى إِتْمَامِ الصَّوْمِ فِي حَقِّ صَائِمٍ لاَ يَتَمَكَّنُ مِنْ إِنْقَاذِهِ إِلاَّ بِالإِْفْطَارِ لِخَوْفِ الْفَوَاتِ (١) .

وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي الْمُلْحَقِ الأُْصُولِيِّ.


(١) حاشية العطار على جمع الجوامع ١ / ٢٣٧ - ٢٣٨، المنثور في القواعد ٣ / ٤٠، وحاشية ابن عابدين ١ / ٣٠.