الْمُفْتِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقِيل: عَلَيْهِ أَنْ يَبْحَثَ عَنِ الأَْفْضَل لِيَأْخُذَ بِقَوْلِهِ.
أَمَّا مَا اخْتَلَفَ عَلَيْهِ اجْتِهَادُ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ، فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّرْجِيحُ بَيْنَهُمَا بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ، وَلَيْسَ هُوَ بِالْخِيَارِ يَأْخُذُ مَا شَاءَ وَيَتْرُكُ مَا شَاءَ، قَال النَّوَوِيُّ: لَيْسَ لِلْمُفْتِي وَالْعَامِل فِي مَسْأَلَةِ الْقَوْلَيْنِ أَنْ يَعْمَل بِمَا شَاءَ مِنْهُمَا بِغَيْرِ نَظَرٍ، بَل عَلَيْهِ الْعَمَل بِأَرْجَحِهِمَا (١) ، وَإِنْ بَنَى الْمُفْتِي فُتْيَاهُ عَلَى حَدِيثٍ نَبَوِيٍّ فَعَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِصِحَّتِهِ: إِمَّا بِتَصْحِيحِهِ هُوَ إِنْ كَانَ أَهْلاً لِذَلِكَ، أَوْ يَعْرِفَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْل الشَّأْنِ الْحُكْمَ بِصِحَّتِهِ.
وَإِنْ كَانَ بَنَى فُتْيَاهُ عَلَى قَوْل مُجْتَهِدٍ - حَيْثُ يَجُوزُ ذَلِكَ - فَإِنْ لَمْ يَأْخُذْهُ مِنْهُ مُشَافَهَةً وَجَبَ أَنْ يَتَوَثَّقَ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ: طَرِيقَةُ نَقْلِهِ لِذَلِكَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ سَنَدٌ إِلَى الْمُجْتَهِدِ، أَوْ يَأْخُذَهُ عَنْ كِتَابٍ مَعْرُوفٍ تَنَاقَلَتْهُ الأَْيْدِي، نَحْوِ كُتُبِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَنَحْوِهَا مِنَ التَّصَانِيفِ الْمَشْهُورَةِ، لأَِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَبَرِ الْمُتَوَاتِرِ الْمَشْهُورِ، وَكَذَا لَوْ وَجَدَ الْعُلَمَاءَ يَنْقُلُونَ عَنِ الْكِتَابِ، وَرَأَى مَا نَقَلُوهُ عَنْهُ مَوْجُودًا فِيهِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ، كَمَا لَوْ رَأَى عَلَى
(١) المجموع شرح المهذب ١ / ٦٨.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute