قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: إِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِبَعْضِ الْكَلاَمِ خَوَاصَّ وَمَنَافِعَ، فَمَا الظَّنُّ بِكَلاَمِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، ثُمَّ بِالْفَاتِحَةِ الَّتِي لَمْ يَنْزِل فِي الْقُرْآنِ وَلاَ غَيْرِهِ مِنَ الْكُتُبِ مِثْلُهَا، لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ مَعَانِي الْكِتَابِ؟ فَقَدِ اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ أُصُول أَسْمَاءِ اللَّهِ وَمَجَامِعِهَا، وَإِثْبَاتِ الْمَعَادِ، وَذِكْرِ التَّوْحِيدِ، وَالاِفْتِقَارِ إِلَى الرَّبِّ فِي طَلَبِ الإِْعَانَةِ بِهِ وَالْهِدَايَةِ مِنْهُ، وَذِكْرِ أَفْضَل الدُّعَاءِ، وَهُوَ طَلَبُ الْهِدَايَةِ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، الْمُتَضَمِّنِ كَمَال مَعْرِفَتِهِ وَتَوْحِيدِهِ، وَعِبَادَتِهِ بِفِعْل مَا أَمَرَ بِهِ، وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى عَنْهُ، وَالاِسْتِقَامَةِ عَلَيْهِ، وَلِتَضَمُّنِهَا ذِكْرَ أَصْنَافِ الْخَلاَئِقِ، وَقِسْمَتَهُمْ إِلَى مُنْعَمٍ عَلَيْهِ لِمَعْرِفَتِهِ بِالْحَقِّ وَالْعَمَل بِهِ، وَمَغْضُوبٍ عَلَيْهِ لِعُدُولِهِ عَنِ الْحَقِّ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ، وَضَالٍّ لِعَدَمِ مَعْرِفَتِهِ لَهُ، مَعَ مَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ إِثْبَاتِ الْقَدَرِ، وَالشَّرْعِ، وَالأَْسْمَاءِ، وَالْمَعَادِ، وَالتَّوْبَةِ، وَتَزْكِيَةِ النَّفْسِ، وَإِصْلاَحِ الْقَلْبِ، وَالرَّدِّ عَلَى جَمِيعِ أَهْل الْبِدَعِ، وَحَقِيقٌ بِسُورَةٍ هَذَا بَعْضُ شَأْنِهَا أَنْ يُسْتَشْفَى بِهَا مِنْ كُل دَاءٍ. (١)
(١) فتح الباري ١٠ / ١٩٨ ط. مكتبة الرياض الحديثة، والإتقان في علوم القرآن ٢ / ١٦٣ ط مصطفى الحلبي ١٩٣٥م.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute