لأَِنَّهُ يَعْمَل فِي الْقَبْضِ لِنَفْسِهِ. (١)
وَإِذَا غَصَبَ شَخْصٌ شَيْئًا مِنْ آخَرَ، فَجَاءَ غَيْرُهُ وَغَصَبَهُ مِنْهُ فَهَلَكَ فِي يَدِهِ، فَالْمَالِكُ بِالْخِيَارِ: إِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الأَْوَّل؛ لِوُجُودِ فِعْل الْغَصْبِ مِنْهُ، وَهُوَ إِزَالَةُ يَدِ الْمَالِكِ عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ ضَمَّنَ الْغَاصِبَ الثَّانِيَ أَوِ الْمُتْلِفَ، سَوَاءٌ عَلِمَ بِالْغَصْبِ أَمْ لَمْ يَعْلَمْ؛ لأَِنَّ الْغَاصِبَ الثَّانِي أَزَال يَدَ الْغَاصِبِ الأَْوَّل الَّذِي هُوَ بِحُكْمِ الْمَالِكِ فِي أَنَّهُ يَحْفَظُ مَالَهُ، وَيَتَمَكَّنُ مِنْ رَدِّهِ عَلَيْهِ (أَيْ عَلَى الْمَالِكِ) وَلأَِنَّهُ أَثْبَتَ يَدَهُ عَلَى مَال الْغَيْرِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ، وَالْجَهْل غَيْرُ مُسْقِطٍ لِلضَّمَانِ؛ وَلأَِنَّ الْمُتْلِفَ أَتْلَفَ الشَّيْءَ الْمَغْصُوبَ فَضَمِنَهُ بِفِعْل نَفْسِهِ.
فَإِنِ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ الأَْوَّل، وَكَانَ هَلاَكُ الْمَغْصُوبِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ الثَّانِي، رَجَعَ الْغَاصِبُ الأَْوَّل بِالضَّمَانِ عَلَى الثَّانِي؛ لأَِنَّهُ بِدَفْعِهِ قِيمَةَ الضَّمَانِ مَلَكَ الشَّيْءَ الْمَضْمُونَ (أَيِ الْمَغْصُوبَ) مِنْ وَقْتِ غَصْبِهِ، فَكَانَ الثَّانِي غَاصِبًا لِمِلْكِ الأَْوَّل.
وَإِنِ اخْتَارَ الْمَالِكُ تَضْمِينَ الثَّانِي أَوِ الْمُتْلِفِ، لاَ يَرْجِعُ هَذَا بِالضَّمَانِ عَلَى أَحَدٍ، وَيَسْتَقِرُّ الضَّمَانُ فِي ذِمَّتِهِ؛ لأَِنَّهُ ضَمِنَ
(١) رد المحتار ٥ / ١٣٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute