فِيمَا تَعُمُّ فِيهِ الْبَلْوَى، هَل يُوجِبُ الْعَمَل أَمْ لاَ؟ فَذَهَبَ عَامَّةُ الأُْصُولِيِّينَ إِلَى أَنَّهُ يُقْبَل خَبَرُ الْوَاحِدِ إِذَا صَحَّ سَنَدُهُ، وَلَوْ كَانَ مُخَالِفًا لِمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَهَذَا مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الأَْكْثَرُ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ، وَاسْتَدَلُّوا بِعَمَل الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَإِنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، مِثْل رُجُوعِهِمْ إِلَى خَبَرِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا فِي وُجُوبِ الْغُسْل بِالْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ وَبِأَنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ الْعَدْل فِي هَذَا الْبَابِ ظَنِّيُّ الصِّدْقِ، فَيَجِبُ قَبُولُهُ، كَمَا إِذَا لَمْ تَعُمَّ بِهِ الْبَلْوَى، أَلاَ تَرَى أَنَّ الْقِيَاسَ يُقْبَل فِيهِ مَعَ أَنَّهُ أَضْعَفُ مِنَ الْخَبَرِ. فَإِذَا قُبِل فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى. مَا هُوَ دُونَ الْخَبَرِ - أَيِ الْقِيَاسِ - فَلأََنْ يُقْبَل فِيهِ الْخَبَرُ أَوْلَى (١) .
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ فِيمَا يَتَكَرَّرُ وُقُوعُهُ وَتَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، كَخَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي مَسِّ الذَّكَرِ أَنَّهُ يَنْقُضُ الْوُضُوءَ، لاَ يُثْبِتُ الْوُجُوبَ دُونَ اشْتِهَارٍ أَوْ تَلَقِّي الأُْمَّةِ بِالْقَبُول. لأَِنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى يَكْثُرُ السُّؤَال عَنْهُ مِنْ حَيْثُ احْتِيَاجُ النَّاسِ إِلَيْهِ، فَتَقْضِي الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ مُتَوَاتِرًا، لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، فَلاَ يُعْمَل بِالآْحَادِ
(١) كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي ٣ / ١٦، ١٧، وفواتح الرحموت مع مسلم الثبوت ٣ / ١٢٩ - ١٣١، وجمع الجوامع مع حاشية البناني ٢ / ١٣٠، ١٣٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute