للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هَذَا التَّفَاوُتِ، تَبَعًا لاِخْتِلاَفِ الصَّحَابَةِ رِضْوَانُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ:

فَقَدْ كَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ يَرَى التَّسْوِيَةَ فِي الْعَطَاءِ وَلاَ يَرَى التَّفْضِيل بِالسَّابِقَةِ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ فِي خِلاَفَتِهِ، وَبِهِ أَخَذَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَصَرَّحَ الشَّيْخُ زَكَرِيَّا الأَْنْصَارِيُّ بِأَنَّهُ لاَ يُزَادُ أَحَدٌ مِنْهُمْ - أَيْ مِنَ الْمُرْتَزِقَةِ - لِنَسَبٍ عَرِيقٍ أَوْ سَبْقِ الإِْسْلاَمِ وَالْهِجْرَةِ وَسَائِرِ الْخِصَال الْمَرْضِيَّةِ وَإِنِ اتَّسَعَ الْمَال، بَل يَسْتَوُونَ كَالإِْرْثِ وَالْغَنِيمَةِ؛ لأَِنَّهُمْ يُعْطَوْنَ بِسَبَبِ تَرَصُّدِهِمْ لِلْجِهَادِ وَكُلُّهُمْ مُتَرَصِّدُونَ لَهُ.

وَكَانَ رَأْيُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ التَّفْضِيل بِالسَّابِقَةِ فِي الإِْسْلاَمِ، وَكَذَلِكَ كَانَ رَأْيُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ بَعْدَهُ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ (١) .

وَقَدْ نَاظَرَ عُمَرُ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - حِينَ سَوَّى بَيْنَ النَّاسِ فَقَال: أَتُسَوِّي بَيْنَ مَنْ هَاجَرَ الْهِجْرَتَيْنِ وَصَلَّى إِلَى الْقِبْلَتَيْنِ، وَبَيْنَ مَنْ أَسْلَمَ عَامَ الْفَتْحِ خَوْفَ السَّيْفِ؟ فَقَال لَهُ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّمَا عَمِلُوا لِلَّهِ، وَإِنَّمَا أُجُورُهُمْ عَلَى اللَّهِ، وَإِنَّمَا الدُّنْيَا دَارُ بَلاَغٍ لِلرَّاكِبِ، فَقَال


(١) أسنى المطالب ٣ / ٩٠، المغني ٦ / ٤١٧ - ٤١٨، الأحكام السلطانية للماوردي ٢٠١، الأحكام السلطانية لأبي يعلى ٢٣٨.