التَّفَاصِيل (١) .
كَذَلِكَ خِيَارُ الْعَيْبِ يَجْعَل الْعَقْدَ غَيْرَ لاَزِمٍ وَقَابِلاً لِلْفَسْخِ، فَإِذَا نَقَضَ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ بِخِيَارِ الْعَيْبِ انْفَسَخَ الْعَقْدُ، وَرَدَّ الْمُشْتَرِي الْبَيْعَ مَعِيبًا إِلَى الْبَائِعِ وَاسْتَرَدَّ الثَّمَنَ.
وَيَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي حَقِّ الْمُشْتَرِي فِي إِمْسَاكِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا، وَالرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ فِي الْمَعِيبِ، فَالْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ لاَ يُعْطُونَهُ هَذَا الْحَقَّ، وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَرُدَّ السِّلْعَةَ وَيَسْتَرِدَّ الثَّمَنَ، أَوْ يَمْسِكَ الْمَعِيبَ وَلاَ رُجُوعَ لَهُ بِنُقْصَانٍ؛ لأَِنَّ الأَْوْصَافَ لاَ يُقَابِلُهَا شَيْءٌ مِنَ الثَّمَنِ فِي مُجَرَّدِ الْعَقْدِ؛ وَلأَِنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِزَوَالِهِ عَنْ مِلْكِهِ بِأَقَل مِنَ الْمُسَمَّى، فَيَتَضَرَّرُ بِهِ، وَدَفْعُ الضَّرَرِ عَنِ الْمُشْتَرِي مُمْكِنٌ بِالرَّدِّ بِدُونِ تَضَرُّرِهِ.
أَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَإِنَّهُ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي عِنْدَهُمُ الْخِيَارُ بَيْنَ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ بِالثَّمَنِ، وَبَيْنَ الإِْمْسَاكِ وَالرُّجُوعِ بِأَرْشِ الْعَيْبِ. وَيُفَصِّل الْمَالِكِيَّةُ بَيْنَ الْعَيْبِ الْيَسِيرِ غَيْرِ الْمُؤَثِّرِ، فَلاَ شَيْءَ فِيهِ وَلاَ رَدَّ بِهِ، وَبَيْنَ الْعَيْبِ الْمُؤَثِّرِ الَّذِي لَهُ قِيمَةٌ فَيَرْجِعُ بِأَرْشِهِ، وَبَيْنَ الْعَيْبِ الْفَاحِشِ فَيَجِبُ هُنَا الرَّدُّ، حَتَّى إِذَا أَمْسَكَهُ لَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ بِالنُّقْصَانِ، وَفِي خِيَارِ الْعَيْبِ تَفْصِيلٌ يُرْجَعُ إِلَيْهِ فِي مُصْطَلَحِهِ.
هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِبَعْضِ الْخِيَارَاتِ الَّتِي تَجْعَل الْعَقْدَ غَيْرَ لاَزِمٍ، وَيَثْبُتُ بِهَا حَقُّ الاِسْتِرْدَادِ
(١) بدائع الصنائع ٥ / ٢٦٤، ٢٨٩، والهداية ٣ / ٣٦ ط المكتبة الإسلامية، وبداية المجتهد ٢ / ٢٠٩ ط مصطفى الحلبي، والجواهر ٢ / ٣٥، ومنح الجليل ٢ / ٦٣٧، ومغني المحتاج ٢ / ٤٦، ٥٠، والمهذب ١ / ٢٩١، ومنتهى الإرادات ٢ / ١٧٠، ١٧٤، ١٧٦
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute