وَالثَّانِي: أَنَّهُ الدَّلِيل الَّذِي لَيْسَ بِنَصٍّ وَلاَ إِجْمَاعٍ وَلاَ قِيَاسٍ.
وَفِي قَوْلٍ: الدَّلِيل الَّذِي لَيْسَ بِنَصٍّ وَلاَ إِجْمَاعٍ وَلاَ قِيَاسٍ عِلَّةٌ. قَال الشِّرْبِينِيُّ: " الاِسْتِفْعَال يَرِدُ لِمَعَانٍ. وَعِنْدِي أَنَّ الْمُرَادَ مِنْهَا هُنَا (أَيْ فِي هَذَا الإِْطْلاَقِ الثَّانِي) الاِتِّخَاذُ. وَالْمَعْنَى أَنَّ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ اتُّخِذَتْ أَدِلَّةً، أَمَّا الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالإِْجْمَاعُ وَالْقِيَاسُ فَقِيَامُهَا أَدِلَّةً لَمْ يَنْشَأْ عَنْ صَنِيعِ الْمُجْتَهِدِينَ وَاجْتِهَادِهِمْ، أَمَّا الاِسْتِصْحَابُ وَنَحْوُهُ مِمَّا اعْتُبِرَ اسْتِدْلاَلاً فَشَيْءٌ قَالَهُ كُل إِمَامٍ بِمُقْتَضَى اجْتِهَادِهِ، فَكَأَنَّهُ اتَّخَذَهُ دَلِيلاً (١) ".
٢ - فَعَلَى هَذَا الإِْطْلاَقِ الثَّانِي يَدْخُل فِي الاِسْتِدْلاَل الأَْدِلَّةُ التَّالِيَةُ:
(١، ٢) - الْقِيَاسُ الاِقْتِرَانِيُّ، وَالْقِيَاسُ الاِسْتِثْنَائِيُّ، وَهُمَا نَوْعَا الْقِيَاسِ الْمَنْطِقِيِّ. مِثَال الاِقْتِرَانِيِّ: النَّبِيذُ مُسْكِرٌ، وَكُل مُسْكِرٍ حَرَامٌ، يُنْتِجُ: النَّبِيذُ حَرَامٌ. وَمِثَال الاِسْتِثْنَائِيِّ: إِنْ كَانَ النَّبِيذُ مُسْكِرًا فَهُوَ حَرَامٌ، لَكِنَّهُ مُسْكِرٌ، يُنْتِجُ: فَهُوَ حَرَامٌ. أَوْ: إِنْ كَانَ النَّبِيذُ مُبَاحًا فَهُوَ لَيْسَ بِمُسْكِرٍ، لَكِنَّهُ مُسْكِرٌ، يُنْتِجُ: فَهُوَ لَيْسَ بِمُبَاحٍ.
(٣) وَقِيَاسُ الْعَكْسِ: ذَكَرَ السُّبْكِيُّ أَنَّهُ مِنْ الاِسْتِدْلاَل. وَقِيَاسُ الْعَكْسِ هُوَ: إِثْبَاتُ عَكْسِ حُكْمِ شَيْءٍ لِمِثْلِهِ، لِتَعَاكُسِهِمَا فِي الْعِلَّةِ، كَمَا فِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ: وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا: أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَلَهُ فِيهَا أَجْرٌ؟ قَال: أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا
(١) جمع الجوامع بتقريرات الشربيني ٢ / ٣٥٨ ط الأزهرية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute