لَوْ كَانَ الرَّجُل قَدْ حَلَفَ بِاَللَّهِ تَعَالَى: أَلاَّ يُظَاهِرَ مِنْ زَوْجَتِهِ، وَقَال لَهَا هَذِهِ الْعِبَارَةَ السَّابِقَةَ حُكِمَ بِحِنْثِهِ فِي الْيَمِينِ، وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الصِّيغَةِ الْمُضَافَةِ، وَلَكِنْ لاَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ مُعَاشَرَةُ زَوْجَتِهِ إِلاَّ عِنْدَ حُلُول الزَّمَنِ الَّذِي أَضَافَ الظِّهَارَ إِلَيْهِ، وَهَذَا عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ (١) .
وَوَجْهُهُ: أَنَّ الظِّهَارَ مِثْل الطَّلاَقِ فِي تَحْرِيمِ الْمَرْأَةِ عَلَى زَوْجِهَا، وَالطَّلاَقُ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ مُضَافًا وَمُعَلَّقًا، فَكَذَلِكَ الظِّهَارُ.
وَيَرَى الْمَالِكِيَّةُ أَنَّ الظِّهَارَ إِذَا كَانَ مُضَافًا إِلَى زَمَنٍ مُسْتَقْبَلٍ، أَوْ كَانَ مُعَلَّقًا عَلَى حُصُول أَمْرٍ فِي الْمُسْتَقْبَل، وَكَانَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ مُحَقَّقَ الْحُصُول أَوْ غَالِبُ الْحُصُول فِي الْمُسْتَقْبَل، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُنَجَّزًا وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ حُكْمُهُ فِي الْحَال، فَإِذَا قَال الرَّجُل لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي بَعْدَ سَنَةٍ، أَوْ قَال لَهَا: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إِنْ جَاءَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَوْ هَبَّتِ الرِّيحُ، كَانَ مُظَاهِرًا فِي الْحَال، وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ بِمُجَرَّدِ صُدُورِ الصِّيغَةِ، لأَِنَّ الظِّهَارَ كَالطَّلاَقِ كِلاَهُمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ تَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ، وَالطَّلاَقُ الْمُضَافُ أَوِ الْمُعَلَّقُ عَلَى أَمْرٍ مُحَقَّقِ الْوُقُوعِ فِي الْمُسْتَقْبَل، أَوْ غَالِبِ الْوُقُوعِ فِيهِ،
(١) البدائع ٣ / ٢٣٢، المغني لابن قدامة ٧ / ٣٥٠، ومغني المحتاج ٣ / ٣٥٤، وروضة الطالبين ٨ / ٢٦٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute