لِلْحَجِّ وَإِنْ كَانَ مُضْطَرًّا لِدَفْعِ الظَّالِمِ عَنْ نَفْسِهِ بِالرِّشْوَةِ أَوِ الْمَكْسِ أَوِ الْخِفَارَةِ، بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ يَسِيرَةً لاَ تُجْحِفُ بِمَالِهِ؛ لأَِنَّهَا غَرَامَةٌ يَقِفُ إِمْكَانُ الْحَجِّ عَلَى بَذْلِهَا، فَلَمْ يَمْنَعْ وُجُوبَ الْحَجِّ مَعَ إِمْكَانِ بَذْلِهَا، كَثَمَنِ الْمَاءِ وَعَلَفِ الْبَهَائِمِ، وَبِشَرْطِ أَنْ يَأْمَنَ غَدْرَ الْمَبْذُول لَهُ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ مُتَّفِقٌ مَعَ مَذْهَبِ الْمَالِكِيَّةِ فِي اشْتِرَاطِ عَدَمِ الإِْجْحَافِ وَعَدَمِ النَّكْثِ وَالْغَدْرِ.
وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ فِي قَوْلٍ آخَرَ، وَالْمَالِكِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْظْهَرِ، وَالْحَنَابِلَةُ فِي الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ إِعْطَاءُ الرَّصَدِيِّ الظَّالِمِ مَالاً، وَيَسْقُطُ وُجُوبُ الْحَجِّ وَالسَّعْيِ إِلَيْهِ إِذَا اضْطُرَّ الْحَاجُّ لِدَفْعِ الرِّشْوَةِ لِمَنْعِ الظُّلْمِ عَنْ مَالِهِ وَنَفْسِهِ، وَذَلِكَ لِفَقْدِهِ شَرْطَ الأَْمْنِ، وَحَتَّى لاَ تَكُونَ الطَّاعَةُ سَبَبًا لِلْمَعْصِيَةِ، وَيَأْثَمُ بِالدَّفْعِ؛ لأَِنَّهُ هُوَ الَّذِي أَلْزَمَ نَفْسَهُ بِالإِْعْطَاءِ، وَلأَِنَّ مَا يُعْطِيهِ خُسْرَانٌ لِدَفْعِ الظُّلْمِ، فَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَا زَادَ عَنْ ثَمَنِ الْمِثْل وَأُجْرَتِهِ.
وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ كَثِيرُ الرِّشْوَةِ وَيَسِيرُهَا (١) .
(١) حاشية ابن عابدين ٢ / ١٤٤، وبدائع الصنائع ٣ / ٢١٣، وفتح القدير ٢ / ٣٢٨، ومواهب الجليل ٢ / ٤٩٥، وحاشية الدسوقي ٢ / ٦، ونهاية المحتاج ٣ / ٢٤٠ - ٢٤٢، وحاشية القليوبي وعميرة ٢ / ٨٨، والمغني ٣ / ٢١٨، والإنصاف ٣ / ٤٠٧، وكشاف القناع ٢ / ٣٩٢.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute