للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ كَانَ التَّجَاذُبُ لِمَصْلَحَةٍ فَلاَ قِصَاصَ وَلاَ دِيَةَ، كَمَا يَقَعُ بَيْنَ صُنَّاعِ الْحِبَال فَإِذَا تَجَاذَبَ صَانِعَانِ حَبْلاً لإِِصْلاَحِهِ فَمَاتَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَهُوَ هَدْرٌ.

وَلَوْ تَصَادَمَ الصَّبِيَّانِ فَمَاتَا، فَدِيَةُ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى عَاقِلَةِ الآْخَرِ، سَوَاءٌ حَصَل التَّصَادُمُ أَوِ التَّجَاذُبُ بِقَصْدٍ أَوْ بِغَيْرِ قَصْدٍ، لأَِنَّ فِعْل الصِّبْيَانِ عَمْدًا حُكْمُهُ كَالْخَطَأِ (١) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ: إِلَى أَنَّهُ إِذَا اصْطَدَمَ شَخْصَانِ - رَاكِبَانِ أَوْ مَاشِيَانِ، أَوْ رَاكِبٌ وَمَاشٍ طَوِيلٌ - بِلاَ قَصْدٍ، فَعَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا نِصْفُ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَلَكَ بِفِعْلِهِ، وَفِعْل صَاحِبِهِ، فَيُهْدَرُ النِّصْفُ، وَلأَِنَّهُ خَطَأٌ مَحْضٌ، وَلاَ فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقَعَا مُنْكَبَّيْنِ أَوْ مُسْتَلْقِيَيْنِ، أَوْ أَحَدُهُمَا مُنْكَبًّا وَالآْخَرُ مُسْتَلْقِيًا.

وَإِنْ قَصَدَا الاِصْطِدَامَ فَنِصْفُ الدِّيَةِ مُغَلَّظَةٌ عَلَى عَاقِلَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا لِوَرَثَةِ الآْخَرِ، لأَِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَلَكَ بِفِعْلِهِ وَفِعْل صَاحِبِهِ، فَيُهْدَرُ النِّصْفُ، وَلأَِنَّ الْقَتْل حِينَئِذٍ شِبْهُ عَمْدٍ فَتَكُونُ الدِّيَةُ مُغَلَّظَةً، وَلاَ قِصَاصَ إِذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا دُونَ الآْخَرِ، لأَِنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الاِصْطِدَامَ لاَ يُفْضِي إِلَى الْمَوْتِ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا فِي تَرِكَتِهِ


(١) حاشية الدسوقي ٤ / ٢٤٧.