الْفِطْرَ، ثُمَّ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ، أَوْ تَعَمَّدَ الْفِطْرَ مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ، فَكُلُّهُمْ يَلْزَمُهُمُ الإِْمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ؛ لِمَا سَبَقَ (١) .
فَأَمَّا مَنْ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ فِي أَوَّل النَّهَارِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا كَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَالْمُسَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْكَافِرِ وَالْمَرِيضِ إِذَا زَالَتْ أَعْذَارُهُمْ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ، فَطَهُرَتِ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ، وَأَقَامَ الْمُسَافِرُ، وَبَلَغَ الصَّبِيُّ، وَأَفَاقَ الْمَجْنُونُ، وَأَسْلَمَ الْكَافِرُ، وَصَحَّ الْمَرِيضُ، فَفِيهِمْ رِوَايَتَانِ:
إِحْدَاهُمَا: يَلْزَمُهُمُ الإِْمْسَاكُ بَقِيَّةَ الْيَوْمِ، لأَِنَّهُ مَعْنَى لَوْ وُجِدَ قَبْل الْفَجْرِ أَوْجَبَ الصِّيَامَ، فَإِذَا طَرَأَ بَعْدَ الْفَجْرِ أَوْجَبَ الإِْمْسَاكَ، كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ بِالرُّؤْيَةِ.
وَاقْتَصَرَ عَلَى مُوجِبِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ الْبُهُوتِيُّ، فِي كَشَّافِهِ وَرَوْضِهِ.
وَالأُْخْرَى: لاَ يَلْزَمُهُمُ الإِْمْسَاكُ، لأَِنَّهُ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّهُ قَال: (مَنْ أَكَل أَوَّل النَّهَارِ، فَلْيَأْكُل آخِرَهُ) ، وَلأَِنَّهُ أُبِيحَ لَهُ الْفِطْرُ أَوَّل النَّهَارِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، فَإِذَا أَفْطَرَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَدِيمَهُ إِلَى آخِرِ النَّهَارِ، كَمَا لَوْ دَامَ الْعُذْرُ.
قَال ابْنُ قُدَامَةَ: فَإِذَا جَامَعَ أَحَدُ هَؤُلاَءِ، بَعْدَ زَوَال عُذْرِهِ، انْبَنَى عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ، فِي
(١) المغني والشرح الكبير ٣ / ٧٢ و ٧٣، وكشاف القناع ٢ / ٣٠٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute