للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَيْهِ صَبِيًّا فِي يَدِهِ أَنَّهُ ابْنُهُ مِنْهَا، وَجَحَدَ الرَّجُل، فَصَالَحَتْ عَنِ النَّسَبِ عَلَى شَيْءٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّ النَّسَبَ حَقُّ الصَّبِيِّ لاَ حَقُّهَا، فَلاَ تَمْلِكُ الاِعْتِيَاضَ عَنْ حَقِّ غَيْرِهَا؛ وَلأَِنَّ الصُّلْحَ إِمَّا إِسْقَاطٌ أَوْ مُعَاوَضَةٌ، وَالنَّسَبُ لاَ يَحْتَمِلُهُمَا.

وَكَذَا لَوْ صَالَحَ الشَّفِيعُ مِنَ الشُّفْعَةِ الَّتِي وَجَبَتْ لَهُ عَلَى شَيْءٍ، عَلَى أَنْ يُسَلِّمَ الدَّارَ لِلْمُشْتَرِي فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّهُ لاَ حَقَّ لِلشَّفِيعِ فِي الْمَحَل، إِنَّمَا الثَّابِتُ لَهُ حَقُّ التَّمَلُّكِ، وَهُوَ لَيْسَ لِمَعْنًى فِي الْمَحَل، بَل هُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْوِلاَيَةِ، وَأَنَّهَا صِفَةُ الْوَالِي فَلاَ يَحْتَمِل الصُّلْحَ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْل الْجُمْهُورِ - خِلاَفًا لِلْمَالِكِيَّةِ - فَيَجُوزُ عِنْدَهُمُ الصُّلْحُ عَنِ الشُّفْعَةِ. (ر: شُفْعَة - إِسْقَاط.) وَكَذَلِكَ لَوْ صَالَحَ الْكَفِيل بِالنَّفْسِ الْمَكْفُول لَهُ عَلَى مَالٍ، عَلَى أَنْ يُبَرِّئَهُ مِنَ الْكَفَالَةِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لأَِنَّ الثَّابِتَ لِلطَّالِبِ قِبَل الْكَفِيل بِالنَّفْسِ حَقُّ الْمُطَالَبَةِ بِتَسْلِيمِ نَفْسِ الْمَكْفُول بِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ عِبَارَةٌ عَنْ وِلاَيَةِ الْمُطَالَبَةِ، وَأَنَّهَا صِفَةُ الْوَالِي فَلاَ يَجُوزُ الصُّلْحُ عَنْهَا كَالشُّفْعَةِ. (١)

أَمَّا لَوِ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالاً وَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَلاَ بَيِّنَةَ لِلْمُدَّعِي، فَطَلَبَ مِنْهُ الْيَمِينَ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ٤٩، تحفة الفقهاء ٣ / ٤٢٧.