تِلْكَ الْعُقُودِ الَّتِي يَلْحَقُ بِهَا الصُّلْحُ، بِحَسَبِ مَحَلِّهِ وَمَا تَصَالَحَا عَلَيْهِ.
أَمَّا الْحَنَفِيَّةُ: فَقَدْ تَكَلَّمُوا عَلَى صِيغَةِ الصُّلْحِ بِصُورَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ فِي بَابِهِ، وَأَتَوْا عَلَى ذِكْرِ بَعْضِ شُرُوطِهَا وَأَحْكَامِهَا، وَسَكَتُوا عَنِ الْبَعْضِ الآْخَرِ، اكْتِفَاءً بِمَا أَوْرَدُوهُ مِنْ تَفْصِيلاَتٍ تَتَعَلَّقُ بِالصِّيغَةِ فِي أَبْوَابِ الْبَيْعِ وَالإِْجَارَةِ وَالْهِبَةِ وَالإِْبْرَاءِ، الَّتِي يَأْخُذُ الصُّلْحُ أَحْكَامَهَا بِحَسَبِ أَحْوَالِهِ وَصُوَرِهِ.
أَمَّا كَلاَمُهُمْ فِي بَابِ الصُّلْحِ عَنْ صِيغَتِهِ وَشُرُوطِهَا: فَهُوَ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي الصُّلْحِ حُصُول الإِْيجَابِ مِنَ الْمُدَّعِي عَلَى كُل حَالٍ، سَوَاءٌ أَكَانَ الْمُدَّعَى بِهِ مِمَّا يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ أَمْ لَمْ يَكُنْ، وَلِذَلِكَ لاَ يَصِحُّ الصُّلْحُ بِدُونِ إِيجَابٍ مُطْلَقًا. أَمَّا الْقَبُول، فَيُشْتَرَطُ فِي كُل صُلْحٍ يَتَضَمَّنُ الْمُبَادَلَةَ بَعْدَ الإِْيجَابِ.
ثُمَّ قَالُوا: تُسْتَعْمَل صِيغَةُ الْمَاضِي فِي الإِْيجَابِ وَالْقَبُول، وَلاَ يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِصِيغَةِ الأَْمْرِ، وَعَلَى ذَلِكَ لَوْ قَال الْمُدَّعِي لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالِحْنِي عَلَى الدَّارِ الَّتِي تَدَّعِيهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَلاَ يَنْعَقِدُ الصُّلْحُ بِقَوْل الْمُدَّعَى عَلَيْهِ: صَالَحْتُ؛ لأَِنَّ طَرَفَ الإِْيجَابِ كَانَ عِبَارَةً عَنْ طَلَبِ الصُّلْحِ، وَهُوَ غَيْرُ صَالِحٍ لِلإِْيجَابِ، فَقَوْل الطَّرَفِ الآْخَرِ: قَبِلْتُ، لاَ يَقُومُ مَقَامَ الإِْيجَابِ. أَمَّا إِذَا قَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute