للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حُكْمَ الأُْولَى؛ لأَِنَّ الظَّاهِرَ لاَ يُعَارِضُهُ الْمَشْكُوكُ. بِخِلاَفِ الأَْخِيرَةِ، فَإِنَّ حُكْمَهَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لأَِنَّ الرَّفْعَ ظَاهِرٌ فِيهَا فِيمَا لاَ صَارِفَ لَهُ، فَيَتَعَلَّقُ بِهَا.

وَاحْتَجُّوا ثَانِيًا بِأَنَّ الاِتِّصَال مِنْ شَرْطِ الاِسْتِثْنَاءِ، وَالاِتِّصَال ثَابِتٌ فِي الْجُمْلَةِ الأَْخِيرَةِ، أَمَّا فِيمَا قَبْلَهَا فَإِنَّهَا مُتَّصِلَةٌ بِالْعَطْفِ، إِلاَّ أَنَّ الاِتِّصَال بِالْعَطْفِ فَقَطْ ضَعِيفٌ، فَلاَ يُعْتَبَرُ إِلاَّ بِدَلِيلٍ آخَرَ مُوجِبٍ لاِعْتِبَارِ هَذَا الاِتِّصَال.

وَالشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ مَعَهُمُ احْتَجُّوا بِالْقِيَاسِ عَلَى الشَّرْطِ، فَإِنَّهُ إِذَا تَعَقَّبَ جُمَلاً رَجَعَ إِلَيْهَا اتِّفَاقًا.

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِأَنَّ الْعَطْفَ يَجْعَل الْمُتَعَدِّدَ كَالْمُفْرَدِ، فَالْمُتَعَلِّقُ بِالْوَاحِدِ هُوَ الْمُتَعَلِّقُ بِالْكُل. وَبِأَنَّ الْغَرَضَ مِنَ الاِسْتِثْنَاءِ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِالْكُل، فَإِمَّا أَنْ يُكَرَّرَ الاِسْتِثْنَاءُ بَعْدَ كُل جُمْلَةٍ، وَإِمَّا أَنْ يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ وَاحِدَةٍ فَقَطْ، أَوْ يُؤْتَى بِهِ بَعْدَ الْجَمِيعِ. فَالتَّكْرَارُ مُسْتَهْجَنٌ، فَبَطَل الأَْوَّل وَفِي الثَّانِي تَرْجِيحٌ مِنْ غَيْرِ مُرَجِّحٍ، فَبَقِيَ الْوَجْهُ الثَّالِثُ، فَيَلْزَمُ الظُّهُورُ فِيهِ.

١١ - وَمِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ بِنَاءً عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ قَوْل اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلاَ تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا} . (١) . . قَال الْحَنَفِيَّةُ: الَّذِينَ تَابُوا مِنَ الْقَاذِفِينَ لاَ تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ، وَالاِسْتِثْنَاءُ عَائِدٌ عَلَى الْحُكْمِ بِفِسْقِهِمْ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ وَمَنْ وَافَقَهُمْ: تُقْبَل شَهَادَتُهُمْ؛ لأَِنَّ الاِسْتِثْنَاءَ يَعُودُ عَلَى الْجُمَل الثَّلاَثِ.


(١) مسلم الثبوت وشرحه ١ / ٣٣٢ - ٣٣٨، وشرح جمع الجوامع ٢ / ١٧ - ١٩، وروضة الناظر ص ١٣٥، والآية من سورة النور / ٤