للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالصَّحِيحُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ مَنْ لَمْ يَجِدْ فُرْجَةً وَلاَ سِعَةً فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَجُرَّ إِلَيْهِ شَخْصًا مِنَ الصَّفِّ لِيَصْطَفَّ مَعَهُ، لَكِنْ مَعَ مُرَاعَاةِ أَنَّ الْمَجْرُورَ سَيُوَافِقُهُ، وَإِلاَّ فَلاَ يَجُرُّ أَحَدًا مَنْعًا لِلْفِتْنَةِ، وَإِذَا جَرَّ أَحَدًا فَيُنْدَبُ لِلْمَجْرُورِ أَنْ يُسَاعِدَهُ لِيَنَال فَضْل الْمُعَاوَنَةِ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى.

وَمُقَابِل الصَّحِيحِ - وَهُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ - أَنَّهُ يَقِفُ مُنْفَرِدًا، وَلاَ يَجْذِبُ أَحَدًا؛ لِئَلاَّ يُحْرِمَ غَيْرَهُ فَضِيلَةَ الصَّفِّ السَّابِقِ (١) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: مَنْ لَمْ يَجِدْ مَوْضِعًا فِي الصَّفِّ يَقِفُ فِيهِ وَقَفَ عَنْ يَمِينِ الإِْمَامِ إِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ؛ لأَِنَّهُ مَوْقِفُ الْوَاحِدِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْوُقُوفُ عَنْ يَمِينِ الإِْمَامِ فَلَهُ أَنْ يُنَبِّهَ رَجُلاً مِنَ الصَّفِّ لِيَقِفَ مَعَهُ، وَيُنَبِّهَهُ بِكَلاَمٍ أَوْ بِنَحْنَحَةٍ أَوْ إِشَارَةٍ وَيَتْبَعُهُ مَنْ يُنَبِّهُهُ. وَظَاهِرُهُ وُجُوبًا لأَِنَّهُ مِنْ بَابِ مَا لاَ يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلاَّ بِهِ. وَيُكْرَهُ تَنْبِيهُهُ بِجَذْبِهِ نَصًّا، وَاسْتَقْبَحَهُ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ.

وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: جَوَّزَ أَصْحَابُنَا جَذْبَ رَجُلٍ يَقُومُ مَعَهُ صَفًّا، وَصَحَّحَ ذَلِكَ ابْنُ قُدَامَةَ؛ لأَِنَّ الْحَالَةَ دَاعِيَةٌ إِلَيْهِ، فَجَازَ


(١) مغني المحتاج ١ / ٢٤٨ - ٢٤٩، والمجموع ٤ / ٢٩٧ - ٢٩٨.