الصَّلاَةُ. وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْمَرِيضَ الَّذِي لاَ يَمْلِكُ نَفْسَهُ فَلاَ تَبْطُل صَلاَتُهُ بِالأَْنِينِ وَالتَّأَوُّهِ وَالتَّأْفِيفِ وَالْبُكَاءِ، وَإِنْ حَصَل حُرُوفٌ لِلضَّرُورَةِ.
قَال أَبُو يُوسُفَ: إِنْ كَانَ الأَْنِينُ مِنْ وَجَعٍ، مِمَّا يُمْكِنُ الاِمْتِنَاعُ عَنْهُ يَقْطَعُ الصَّلاَةَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لاَ يُمْكِنُ لاَ يَقْطَعُ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ إِنْ كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا يَقْطَعُ، وَإِلاَّ فَلاَ؛ لأَِنَّهُ لاَ يُمْكِنُهُ الْقُعُودُ إِلاَّ بِالأَْنِينِ. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إِذَا لَمْ يَتَكَلَّفْ إِخْرَاجَ حُرُوفٍ زَائِدَةٍ، كَمَا اسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْبُكَاءَ مِنْ خَوْفِ الآْخِرَةِ وَذِكْرِ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَإِنَّهُ لاَ تَفْسُدُ بِهِ الصَّلاَةُ، لِدَلاَلَتِهِ عَلَى الْخُشُوعِ. فَلَوْ أَعْجَبَتْهُ قِرَاءَةُ الإِْمَامِ فَجَعَل يَبْكِي وَيَقُول: بَلَى أَوْ نَعَمْ لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ، قَال ابْنُ عَابِدِينَ نَقْلاً عَنِ الْكَافِي: لأَِنَّ الأَْنِينَ وَنَحْوَهُ إِذَا كَانَ بِذِكْرِهِمَا صَارَ كَأَنَّهُ قَال: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لاَ تَفْسُدُ صَلاَتُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ صَارَ كَأَنَّهُ يَقُول: أَنَا مُصَابٌ فَعَزُّونِي وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ تَفْسُدُ.
وَلَمْ يُفَرِّقِ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبُكَاءُ مِنْ خَوْفِ الآْخِرَةِ أَمْ لاَ فِي بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الأَْنِينِ لأَِجْل وَجَعٍ غَلَبَهُ، وَالْبُكَاءِ لأَِجْل الْخُشُوعِ، سَوَاءٌ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute