يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي لَكِنِّي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ أَحْسَنُ تَعْلِيمًا مِنْهُ. فَوَاَللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلاَ ضَرَبَنِي وَلاَ شَتَمَنِي، قَال: إِنَّ هَذِهِ الصَّلاَةَ لاَ يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلاَمِ النَّاسِ إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ (١) .
وَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ - الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ - إِلَى أَنَّ الْكَلاَمَ الْمُبْطِل لِلصَّلاَةِ مَا انْتَظَمَ مِنْهُ حَرْفَانِ فَصَاعِدًا؛ لأَِنَّ الْحَرْفَيْنِ يَكُونَانِ كَلِمَةً كَأَبٍ وَأَخٍ، وَكَذَلِكَ الأَْفْعَال وَالْحُرُوفُ، وَلاَ تَنْتَظِمُ كَلِمَةٌ فِي أَقَل مِنْ حَرْفَيْنِ، قَال الْخَطِيبُ الشِّرْبِينِيُّ: الْحَرْفَانِ مِنْ جِنْسِ الْكَلاَمِ؛ لأَِنَّ أَقَل مَا يُبْنَى عَلَيْهِ الْكَلاَمُ حَرْفَانِ لِلاِبْتِدَاءِ وَالْوَقْفِ، أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ نَحْوَ " قِ " مِنَ الْوِقَايَةِ، وَ " عِ " مِنَ الْوَعْيِ وَ " فِ " مِنَ الْوَفَاءِ، وَزَادَ الشَّافِعِيَّةُ مَدَّةً بَعْدَ حَرْفٍ وَإِنْ لَمْ يُفْهِمْ نَحْوَ " آ " لأَِنَّ الْمَمْدُودَ فِي الْحَقِيقَةِ حَرْفَانِ وَهَذَا عَلَى الأَْصَحِّ عِنْدَهُمْ. وَمُقَابِل الأَْصَحِّ أَنَّهَا لاَ تَبْطُل؛ لأَِنَّ الْمُدَّةَ قَدْ تَتَّفِقُ لإِِشْبَاعِ الْحَرَكَةِ وَلاَ تُعَدُّ حَرْفًا.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْكَلاَمَ الْمُبْطِل لِلصَّلاَةِ هُوَ حَرْفٌ أَوْ صَوْتٌ سَاذِجٌ، سَوَاءٌ
(١) حديث معاوية بن الحكم: " بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. . . ". أخرجه مسلم (١ / ٣٨١ - ٣٨٢ ط. الحلبي) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute