الْجِنَازَةِ، وَإِلاَّ فَإِنْ لَمْ تَفُتْ بِقَطْعِهِ الْمَصْلَحَةُ الْمَقْصُودَةُ لِلشَّارِعِ، بَل حَصَلَتْ بِتَمَامِهَا، كَمَا إِذَا شَرَعَ فِي إِنْقَاذِ غَرِيقٍ ثُمَّ حَضَرَ آخَرُ لإِِنْقَاذِهِ جَازَ قَطْعًا.
نَعَمْ ذَكَرُوا فِي اللَّقِيطِ أَنَّ مَنِ الْتَقَطَ لَيْسَ لَهُ نَقْلُهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِنْ حَصَل الْمَقْصُودُ، لَكِنْ لاَ عَلَى التَّمَامِ، وَالأَْصَحُّ أَنَّ لَهُ الْقَطْعَ أَيْضًا، كَالْمُصَلِّي فِي جَمَاعَةٍ يَنْفَرِدُ، وَإِنْ قُلْنَا الْجَمَاعَةُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَالشَّارِعُ فِي الْعِلْمِ فَإِنَّ قَطْعَهُ لَهُ لاَ يَجِبُ بِهِ بُطْلاَنُ مَا عَرَفَهُ أَوَّلاً؛ لأَِنَّ بَعْضَهُ لاَ يَرْتَبِطُ بِبَعْضٍ، وَفَرْضُ الْكِفَايَةِ قَائِمٌ بِغَيْرِهِ، فَالصُّوَرُ ثَلاَثَةٌ:
قَطْعٌ يُبْطِل الْمَاضِيَ فَيَبْطُل قَطْعًا، وَقَطْعٌ لاَ يُبْطِلُهُ وَلاَ يُفَوِّتُ الشَّاهِدَ فَيَجُوزُ قَطْعًا، وَقَطْعٌ لاَ يُبْطِل أَصْل الْمَقْصُودِ، وَلَكِنْ يُبْطِل أَمْرًا مَقْصُودًا عَلَى الْجُمْلَةِ، فَفِيهِ خِلاَفٌ.
قَال الْفَتُوحِيُّ مِنَ الْحَنَابِلَةِ: يَتَعَيَّنُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ بِالشُّرُوعِ فِيهِ، وَيَجِبُ إِتْمَامُهُ عَلَى الأَْظْهَرِ وَيُؤْخَذُ لُزُومُهُ بِالشُّرُوعِ مِنْ مَسْأَلَةِ حِفْظِ الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ يَحْرُمُ تَرْكُ الْحِفْظِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنَ الْمَذْهَبِ، وَفِي وَجْهٍ يُكْرَهُ (١) .
(١) جامع الأسرار - للبخاري ص ١٠٢، والمجموع للنووي ٦ / ٣٩٤، الفوائد في اختصار المقاصد - للعز بن عبد السلام ص ١٠٥، شرح الكوكب المنير - لابن النجار ١ / ٣٧٨، والمنثور في القواعد للزركشي ٢ / ٢٤٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute