وَلِذَا يَنُصُّ الْمَالِكِيَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ قَال أَحَدُ اثْنَيْنِ لِلآْخَرِ: شَارِكْنِي، فَرَضِيَ بِالسُّكُوتِ، كَفَى، وَأَنَّهُ يَكْفِي خَلْطُ الْمَالَيْنِ، أَوِ الشُّرُوعُ فِي أَعْمَال التِّجَارَةِ لِلشَّرِكَةِ. كَمَا يَنُصُّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ يَكْفِي أَنْ يَتَكَلَّمَا فِي الشَّرِكَةِ، ثُمَّ يُحْضِرَا الْمَال عَنْ قُرْبٍ، وَيَشْرَعَا فِي الْعَمَل.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ لاَ تُغْنِي دَلاَلَةُ الْفِعْل عَنِ اللَّفْظِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ، لأَِنَّ الأَْصْل حِفْظُ الأَْمْوَال عَلَى أَرْبَابِهَا، فَلاَ يَنْتَقِل عَنْهُ إِلاَّ بِدَلاَلَةٍ لَهَا فَضْل قُوَّةٍ - حَتَّى لَقَدْ ضَعَّفَ الشَّافِعِيَّةُ وَجْهًا عِنْدَهُمْ بِانْعِقَادِ الشَّرِكَةِ بِلَفْظِ: اشْتَرَكْنَا - لِدَلاَلَتِهِ عُرْفًا عَلَى الإِْذْنِ فِي التَّصَرُّفِ، وَرَأَوْا أَنْ لاَ كِفَايَةَ فِيهِ حَتَّى يَقْتَرِنَ بِالإِْذْنِ فِي التَّصَرُّفِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ - لاِحْتِمَال أَنْ يَكُونَ إِخْبَارًا عَنْ شَرِكَةٍ مَاضِيَةٍ، أَوْ عَنْ شَرِكَةِ مِلْكٍ قَائِمَةٍ لاَ تَصَرُّفَ فِيهَا. وَهُمْ يُصَحِّحُونَ انْعِقَادَهَا شَرِكَةَ عَنَانٍ بِلَفْظِ الْمُفَاوَضَةِ، إِذَا اقْتَرَنَ بِنِيَّةِ الْعَنَانِ، وَإِلاَّ فَلَغْوٌ، إِذْ لاَ مُفَاوَضَةَ عِنْدَهُمْ: وَغَايَةُ مَا يَصْلُحُ لَهُ لَفْظُهَا عِنْدَهُمْ أَنْ يَكُونَ كِنَايَةَ عَنَانٍ - بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْعُقُودِ بِالْكِنَايَاتِ (١) .
وَمِثَال شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ فِي التَّقَبُّل: أَنْ يَقُول شَخْصٌ لآِخَرَ وَكِلاَهُمَا مِنْ أَهْل الْكَفَالَةِ - شَارَكْتُكَ فِي تَقَبُّل جَمِيعِ الأَْعْمَال، أَوْ
(١) مغني المحتاج ٢ / ٢١٢، ٢١٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute