لِلْمُقَلِّدِ - وَهُوَ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ الاِجْتِهَادِ - وَالْعَامِّيِّ هَل يَجِبُ عَلَيْهِمَا الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ أَوْ لاَ؟ وَهَل يَجُوزُ الْخُرُوجُ مِنْهُ أَوْ لاَ؟ وَهَل يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَلِّدَ الْمَفْضُول أَوْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْبَحْثُ عَنِ الأَْرْجَحِ عِلْمًا؟ قَال الشَّيْخُ عُلَيْشٌ بَعْدَ ذَلِكَ: إِذَا عَرَفْتَ هَذَا اسْتَبَانَ لَكَ أَنَّ خُرُوجَ الْمُقَلِّدِ مِنَ الْعَمَل بِالْمَشْهُورِ إِلَى الْعَمَل بِالشَّاذِّ الَّذِي فِيهِ رُخْصَةٌ مِنْ غَيْرِ تَتَبُّعٍ لِلرُّخَصِ صَحِيحٌ عِنْدَ كُل مَنْ قَال بِعَدَمِ لُزُومِ تَقْلِيدِ أَرْجَحَ (١) .
وَلِلْفُقَهَاءِ تَفْصِيلاَتٌ فِي ذَلِكَ، يُنْظَرُ مُصْطَلَحُ (اجْتِهَاد وَتَقْلِيد) .
وَقَال ابْنُ أَبِي زَيْدٍ لاَ يَصِحُّ تَخْيِيرُ الْمُقَلِّدِ بَل يَتَعَيَّنُ الْقَوْل الرَّاجِحُ، فَإِنْ تَأَهَّل لِلتَّرْجِيحِ وَجَبَ الأَْرْجَحُ بِرُجْحَانِ الْقَائِل، بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُصِيبَ فِي الاِجْتِهَادِيَّاتِ وَاحِدٌ، وَأَنَّ تَقْلِيدَ الْمَفْضُول مَعَ وُجُودِ الْفَاضِل مَمْنُوعٌ وَهَذَا الْقَوْل تُعَضِّدُهُ الْقَوَاعِدُ الأُْصُولِيَّةُ، وَعَلَيْهِ بَنَى حُجَّةُ الإِْسْلاَمِ الْغَزَالِيُّ وَالإِْمَامُ الْمَازِرِيُّ، وَهَذَا هُوَ الْحَقُّ وَالتَّحْقِيقُ، وَمَنْ سَلَكَ سَبِيلاً غَيْرَ ذَلِكَ فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا، فَقَدِ اتَّبَعَ هَوَاهُ وَهَلَكَ فِي بُنَيَّاتِ الطَّرِيقِ، فَالْعَمَل بِالرَّاجِحِ مُتَعَيِّنٌ عِنْدَ
(١) فتح العلي المالك ١ / ٦٠ - ٦١ نشر دار المعرفة أو ١ / ٥١ - ٥٢ الطبعة التجارية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute