مُعَيَّنًا بِذَاتِهِ (١) ؛ لأَِنَّ ذَلِكَ مُنَاقِضٌ لِلْغَرَضِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، إِذْ هُوَ مَوْضُوعٌ لِبَيْعِ شَيْءٍ فِي الذِّمَّةِ بِثَمَنٍ مُعَجَّلٍ، وَمُقْتَضَاهُ ثُبُوتُ الْمُسْلَمِ فِيهِ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ، وَمَحَلُّهُ ذِمَّةُ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ. فَإِذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مُعَيَّنًا تَعَلَّقَ حَقُّ رَبِّ السَّلَمِ بِذَاتِهِ، وَكَانَ مَحَل الاِلْتِزَامِ ذَلِكَ الشَّيْءَ الْمُعَيَّنَ، لاَ ذِمَّةَ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ، وَمِنْ هُنَا كَانَ تَعْيِينُ الْمُسْلَمِ فِيهِ مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ.
وَبِالإِْضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ فَإِنَّ هَذَا التَّعْيِينَ يَجْعَل السَّلَمَ مِنْ عُقُودِ الْغَرَرِ؛ إِذْ يَنْشَأُ عَنْهُ غُرَرُ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى تَنْفِيذِ الْعَقْدِ فَلاَ يُدْرَى أَيَتِمُّ هَذَا الْعَقْدُ أَمْ يَنْفَسِخُ، حَيْثُ إِنَّ مِنَ الْمُحْتَمَل أَنْ يَهْلِكَ ذَلِكَ الشَّيْءُ الْمُعَيَّنُ قَبْل حُلُول وَقْتِ أَدَائِهِ، فَيَسْتَحِيل تَنْفِيذُهُ.
وَالْغَرَرُ مُفْسِدٌ لِعُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ الْمَالِيَّةِ كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَمُقَرَّرٌ. وَهَذَا بِخِلاَفِ مَا لَوْ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْصُوفًا فِي الذِّمَّةِ، فَإِنَّ الْوَفَاءَ يَكُونُ بِأَدَاءِ أَيَّةِ عَيْنٍ تَتَحَقَّقُ فِيهَا الأَْوْصَافُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا، وَلاَ يَتَعَذَّرُ تَنْفِيذُ الْعَقْدِ لَوْ تَلِفَ
(١) الهداية مع فتح القدير والعناية (الميمنية ١٣١٩ هـ) ٦ / ٢١٩، القوانين الفقهية (ط - الدار العربية للكتاب) ص ٢٧٤، مواهب الجليل ٤ / ٥٣٤، بداية المجتهد ٢ / ٢٣٠، روضة الطالبين ٤ / ٦، نهاية المحتاج ٤ / ١٨٣.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute