السَّلَمِ غَيْرَ مُؤَجَّلٍ فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ؛ لأَِنَّهَا تَكُونُ مِنْ قَبِيل بَيْعِ الدَّيْنِ الْمُؤَخَّرِ بِالدَّيْنِ الْمُعَجَّل؛ وَلِوُجُودِ الْقَبْضِ الْحُكْمِيِّ لِرَأْسِ مَال السَّلَمِ مِنْ قِبَل الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ فِي مَجْلِسِ الْعَقْدِ، لِكَوْنِهِ حَالًّا فِي ذِمَّتِهِ. فَكَأَنَّ الْمُسْلِمَ - إِذْ جَعَل مَا لَهُ فِي ذِمَّتِهِ مُعَجِّلاً رَأْسَ مَال السَّلَمِ - قَبَضَهُ مِنْهُ وَرَدَّهُ إِلَيْهِ، فَصَارَ دَيْنًا مُعَجَّلاً مَقْبُوضًا حُكْمًا، فَارْتَفَعَ الْمَانِعُ الشَّرْعِيُّ؛ وَلأَِنَّ دَعْوَى الإِْجْمَاعِ عَلَى الْمَنْعِ غَيْرُ مُسَلَّمَةٍ (١) .
أَمَّا إِذَا كَانَ الدَّيْنُ الْمَجْعُول رَأْسَ مَال السَّلَمِ مُؤَجَّلاً فِي ذِمَّةِ الْمَدِينِ فَلاَ خِلاَفَ لأَِحَدٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ فِي مَنْعِ ذَلِكَ شَرْعًا، وَأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ الْمَحْظُورِ، لِكَوْنِهِ ذَرِيعَةً إِلَى رِبَا النَّسِيئَةِ.
١٩ - أَمَّا إِذَا جَعَل رَبُّ السَّلَمِ مَالَهُ الْمَوْجُودَ فِي يَدِ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ رَأْسُ مَال السَّلَمِ، فَهَل يَصِحُّ ذَلِكَ، وَيَنُوبُ الْقَبْضُ السَّابِقُ لِلْعَقْدِ مَنَابَ الْقَبْضِ الْمُسْتَحَقِّ فِي مَجْلِسِهِ، أَمْ لاَ يَصِحُّ ذَلِكَ وَيَحْتَاجُ إِلَى قَبْضٍ جَدِيدٍ؟ .
لِلْفُقَهَاءِ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلاَنِ: (أَحَدُهُمَا) لِلْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ أَنَّ قَبْضَ الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ السَّابِقِ لِلْعَيْنِ الْمَجْعُولَةِ رَأْسَ مَال السَّلَمِ يَنُوبُ عَنِ
(١) إعلام الموقعين ٢ / ٩.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute