فَرُبَّ أَعْمَى شَرٌّ مِنَ الْبَصِيرِ، وَمَقْطُوعِ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ يَحْتَال عَلَى الأَْخْذِ بِثَأْرِ نَفْسِهِ.
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الْقَاطِعَ لِلرِّجْلَيْنِ أَوِ الْيَدَيْنِ أَوِ الْيَدِ وَالرِّجْل لاَ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ لأَِنَّهُ لَمْ يَكُفَّ شَرَّهُ عَنِ الْمُسْلِمِينَ.
وَكَذَا إِنْ أَسَرَهُ؛ لأَِنَّ الَّذِي أَسَرَهُ لَمْ يَقْتُلْهُ سَوَاءٌ قَتَلَهُ الإِْمَامُ أَوِ اسْتَبَقَاهُ بِرِقٍّ أَوْ فِدَاءٍ أَوْ مَنٍّ، وَيَكُونُ سَلَبُهُ وَفِدَاؤُهُ إِنْ فُدِيَ، وَرِقُّهُ إِنْ رُقَّ، غَنِيمَةً بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ؛ لأَِنَّ الْمُسْلِمِينَ أَسَرُوا أَسْرَى بَدْرٍ، فَقَتَل النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُمْ عُقْبَةَ بْنَ أَبِي مُعَيْطٍ وَالنَّضْرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَاسْتَبْقَى سَائِرَهُمْ (١) . فَلَمْ يُعْطِ مَنْ أَسَرَهُمْ أَسْلاَبَهُمْ وَلاَ فِدَاءَهُمْ، بَل كَانَ فِدَاؤُهُمْ غَنِيمَةً لِلْمُسْلِمِينَ. وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي مُقَابِل الأَْظْهَرِ.
وَإِنْ عَانَقَ رَجُلاً فَقَتَلَهُ آخَرُ فَسَلَبُهُ لِلْقَاتِل عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ قَتَل قَتِيلاً فَلَهُ سَلَبُهُ وَلأَِنَّهُ كَفَى الْمُسْلِمِينَ شَرًّا، فَأَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يُعَانِقْهُ الآْخَرُ.
وَذَهَبَ الأَْوْزَاعِيُّ إِلَى أَنَّ سَلَبَهُ لِلْمُعَانِقِ. وَمِثْلُهُ لَوْ كَانَ الْكَافِرُ مُقْبِلاً عَلَى رَجُلٍ يُقَاتِلُهُ
(١) قصة أسرى بدر ومقتل عقبة والنضر أوردها ابن كثير في السيرة النبوية (٢ / ٤٧٣ - نشر دار إحياء التراث العربي) وعزاها إلى ابن إسحاق في سيرته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute