يُرْجَى نَجَاتُهُ مِنْهُمْ لَمْ يَخْتَصَّ قَاتِلُهُ بِسَلَبِهِ لأَِنَّهُ لَمْ يُغَرِّرْ بِنَفْسِهِ، وَلأَِنَّ شَرَّ الْكَافِرِ زَال بِالْوُقُوعِ بَيْنَهُمْ. وَأَضَافَ الْحَنَابِلَةُ أَنَّهُ لَوْ حَمَل جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى وَاحِدٍ مِنَ الْكَافِرِينَ، فَقَتَلُوهُ فَسَلَبُهُ لَيْسَ لَهُمْ. بَل يَكُونُ غَنِيمَةً؛ لأَِنَّهُمْ لَمْ يُغَرِّرُوا بِأَنْفُسِهِمْ فِي قَتْلِهِ، وَكَذَا لَوِ اشْتَرَكَ فِي قَتْلِهِ اثْنَانِ أَوْ أَكْثَرُ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا أَبْلَغَ فِي قَتْلِهِ مِنَ الآْخَرِ؛ لأَِنَّ السَّلَبَ إِنَّمَا يُسْتَحَقُّ بِالْمُخَاطَرَةِ فِي قَتْلِهِ، وَلاَ يَحْصُل ذَلِكَ بِقَتْل الاِثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فَلَمْ يُسْتَحَقَّ بِهِ السَّلَبُ. قَالُوا: وَلأَِنَّهُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَشْرَكَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فِي سَلَبٍ، وَلأَِنَّ أَبَا جَهْلٍ ضَرَبَهُ مُعَاذُ ابْنُ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَمُعَاذُ ابْنُ عَفْرَاءَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَأَتَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَاهُ فَقَال: كِلاَكُمَا قَتَلَهُ، وَقَضَى بِسَلَبِهِ لِمُعَاذِ بْنِ الْجَمُوحِ (١) .
٨ - وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الْمَقْتُول الَّذِي يَأْخُذُ قَاتِلُهُ سَلَبَهُ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُقَاتِلِينَ الَّذِينَ يَجُوزُ قَتْلُهُمْ شَرْعًا، أَمَّا إِذَا قَتَل امْرَأَةً أَوْ صَبِيًّا أَوْ شَيْخًا فَانِيًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ رَاهِبًا مُنْعَزِلاً فِي صَوْمَعَتِهِ أَوْ نَحْوَهُمْ مِمَّنْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ قَتْلِهِمْ، فَلاَ يَسْتَحِقُّ قَاتِلُهُ السَّلَبَ مَا لَمْ يَشْتَرِكْ فِي الْقِتَال. فَإِنِ اشْتَرَكَ أَحَدٌ مِنْ
(١) سبق تخريجه ف٥.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute