وَرَاكِبُهُ نَائِمٌ فَوْقَهُ؛ لأَِنَّ الْبَعِيرَ مُحْرَزٌ بِالْحَافِظِ، فَإِذَا أَخَذَهُمَا جَمِيعًا صَارَ كَمَنْ يَسْرِقُ نَفْسَ الْحِرْزِ.
وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ يُعْتَبَرُ الْمَكَانُ مُحْرَزًا بِالْحَافِظِ كُلَّمَا كَانَ الشَّيْءُ وَاقِعًا تَحْتَ بَصَرِهِ، مُمَيَّزًا أَمْ غَيْرَ مُمَيَّزٍ؛ لأَِنَّهُ وُجِدَ لِلْحِفْظِ وَيَقْصِدُهُ. وَعَلَى ذَلِكَ: فَإِنَّ مَا يَلْبَسُهُ الإِْنْسَانُ أَوْ يَحْمِلُهُ أَوْ يَرْكَبُهُ أَوْ يَقَعُ تَحْتَ بَصَرِهِ مِنْ مَتَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ، يُعْتَبَرُ مُحْرَزًا بِحَافِظٍ، يُقَامُ الْحَدُّ عَلَى مَنْ يَسْرِقُ مِنْهُ مَا يَبْلُغُ النِّصَابَ.
وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ أَنَّ الْمَسْجِدَ يُعْتَبَرُ حِرْزًا بِالْحَافِظِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ حَارِسٌ وَسَرَقَ شَخْصٌ شَيْئًا مِمَّا يَلْزَمُ الْمَسْجِدَ ضَرُورَةً، كَالْحُصْرِ وَالْقَنَادِيل، أَوْ لِلزِّينَةِ كَالْعَلَمِ وَالْمِشْكَاةِ، أَوْ لِلاِنْتِفَاعِ بِهِ كَالْمُصْحَفِ وَكُتُبِ الْعِلْمِ، فَلاَ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ؛ لاِنْعِدَامِ الْحِرْزِ، بِخِلاَفِ مَا لَوْ كَانَ لِلْمَسْجِدِ حَارِسٌ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مُحْرَزًا بِهِ (١) .
٣٩ - ب - وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْحِرْزَ بِنَفْسِهِ: كُل مَكَانٍ اتَّخَذَهُ صَاحِبُهُ مُسْتَقَرًّا لَهُ، أَوِ اعْتَادَ النَّاسُ وَضْعَ أَمْتِعَتِهِمْ بِهِ، سَوَاءٌ أَكَانَ مُحَاطًا أَمْ غَيْرَ مُحَاطٍ، كَالْبُيُوتِ وَالْحَوَانِيتِ وَالْخَزَائِنِ، وَكَالْجَرِينِ الَّذِي يُجْمَعُ فِيهِ الْحَبُّ وَالتَّمْرُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَابٌ وَلاَ حَائِطٌ وَلاَ غَلْقٌ، وَكَالأَْمَاكِنِ الَّتِي يَضَعُ التُّجَّارُ بَضَائِعَهُمْ فِيهَا، فِي السُّوقِ أَوْ فِي
(١) بدائع الصنائع ٧ / ٧٤ - ٧٦، فتح القدير ٤ / ٢٤٢، ٢٤٥ - ٢٤٦.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute